المعرفة للجميع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المعرفة للجميع

زاد المعرفة ونبراس يضيء كل الدروب المظلمة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الفلسفة الإسلامية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
واحد من الناس
Admin
واحد من الناس


المساهمات : 494
تاريخ التسجيل : 28/10/2011
العمر : 42

الفلسفة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: الفلسفة الإسلامية   الفلسفة الإسلامية Emptyالأربعاء فبراير 22, 2012 5:19 pm

الفلسفة الإسلامية
مارس المفكرون المسلمون نوعاً شجاعاً من الاجتهاد على نطاق واسع خلال القرون الأولى للحضارة العربية الإسلامية، وكان من نتيجة هذا الاجتهاد بروز المذاهب التي يتوزع المسلمون بينها إلى يومنا هذا، ومن المعروف أن الاجتهاد قد توقف منذ القرن الثاني عشر الميلادي تقريباً، أو ما يمكن أن نطلق عليه حالة الانقطاع الفكري، حيث تجمد الفكر، وضاق هامش التفسير الحر للشريعة، فلم يعد من الممكن الخروج عن حدود المذاهب المعترف بها .
وفي هذا السياق ، يقول الجابري في كتابه الهام " تكوين العقل العربي" ، إن "الثقافة العربية الإسلامية تنقسم إلى ثلاث مجموعات:
1. علوم البيان من فقه ونحو وبلاغة
2. علوم العرفان من تصوف وفكر شيعي وفلسفة وطبابه وفلك وسحر وتنجيم
3. علوم البرهان من منطق و رياضيات وميتافيزيقيا.
ويتوصل إلى أن الحضارة الإسلامية هي حضارة فقه، في مقابل الحضارة اليونانية التي كانت حضارة فلسفة، لقد تجمدت الحضارة العربية عند الفلسفة اليونانية، وغاب عنها العنصر المحرك : التجربة ، بعد أن غلب عليها اللاهوت أو علوم العرفان أو اللامعقول" . ثم يتابع الجابري بالقول "إن العقل البياني العربي لا يقبل بطبيعته التجربة لأنه يحتقر المعرفة الحسية ويترفع عن التجربة ويتعامل مع النصوص أكثر من تعامله مع الطبيعة وظواهرها ، ويعود السبب في ذلك إلى أن الفلسفة اليونانية التي أخذها العرب عن الإغريق كانت فلسفة تؤكد على مجتمع السادة والعبيد، ولا تؤمن بالتجربة لأنها من أعمال العبيد (وكذلك جميع الحرف) ، أما السادة فهم من نوع " أعلى "ومهامهم تنحصر في التفكير والنظر وإنتاج الخطاب" وكانت المحصلة أن "إنجازات العرب في اللغة والفقه والتشريع شكلت قيوداً للعقل الذي أصبح سجين هذا البناء من الركود والتخلف".
ورغم ذلك فإن الجابري لا ينكر دور العلماء والعلم العربي عموماً في تأسيس طريق النهضة الأوروبية وبالذات ابن رشد، والحسن بن الهيثم ( المتتوفى عام 430 هـ) الذي عرف بنظرياته في علم الضوء والبصريات التي كانت أساساً أو قواعد علمية بني عليها غاليليو وغيره فيما بعد، ولكن ابن الهيثم كان غريباً في الثقافة العربية في حين أن الغزالي كان حاضراً بقوه وإصرار إلى يومنا هذا، ابن الهيثم رأى الحقيقة في العلم، أما الغزالي فرأى طريق الحقيقة في التصوف".
لقد نشأت المذاهب الفكرية الإسلامية الأولى في عصر الخلفاء الراشدين، وكانت بداية الاختلاف في عهد عثمان بن عفان، الذي تطور فيما بعد إلى نزاع بين علي ومعاوية على الخلافة بعد عثمان، ذلك النزاع الذي تحول إلى حرب بينهماَ فرَّقت بين المسلمين وجعلتهم شيعاً وأحزاباً منذ ذلك الوقت إلى أيامنا هذه.
1- علم الكلام
أولاً: كانت البداية ببروز "جماعة الخوارج" التي نشأت عام (657 م) وعرف عنها العداء الشديد لعثمان بن عفان في أواخر سنوات حكمه؛ إن البدايات الأولى للخوارج تعود إلى جماعة " القُراَّء " ( حفظة القرآن الكريم ) الذين تميزوا بالزهد والتنسك، وكانوا "علماء" الأمة قبل أن تعرف الحياة الفكرية " الفقه " والفقهاء ، ورفضوا التحكيم بين علي ومعاوية وطالبوا علي بقتال معاوية. لخَص الخوارج موقفهم من نظام الحكم بأن " السلطة العليا للدولة هي الإمامة والخلافة " وقرروا أن المسلم الذي تتوفر فيه شروط الإمامة له الحق أن يتولاها بصرف النظر عن نسبه وجنسه ولونه ، ( ليس شرطاً عندهم النسب القرشي أو العربي لمن يتولى منصب الإمام). وأجمعوا على أن الثورة تكون واجبة على أئمة الفسق والجور إذا بلغ عدد المنكرين على أئمة الجور أربعين رجلاً فأكثر. بالنسبة للخلافة عندهم فإن الوسيلة لتنصيب الإمام هي الاختيار والبيعة، وهنا يتضح موقفهم المعادي لفكر الشيعة القائل: إن الإمامة شأن من شؤون السماء. فالإمامة عند الخوارج من الفروع وليس من أصول الدين، ولذلك قالوا أن مصدر الإمامة هو الرأي وليس الكتاب أو السنة، قاتلوا علياً وكانوا أشداء في قتالهم للأمويين من بعده.
انقسم الخوارج إلى عدة جماعات هي : الأزارقة _ النجدات _ الصفرية _ الإباضية. وهذه الأخيرة لا تزال إلى يومنا هذا في عُمان ومسقط وشرق أفريقيا وأجزاء من المغرب وتونس وهم أقرب إلى السنة وأكثر الفرق اعتدالا.
ثانياً: جماعة المرجئة: وهي من الإرجاء، بمعنى التأجيل، وهذا المصطلح قد عنى في الفكر الإسلامي، الفصل بين الإيمان باعتباره تصديقاً قلبياً ويقينياً داخلياً غير منظور؛ وبين العمل باعتباره نشاطاً وممارسة ظاهرية قد تترجم أو لا تترجم عما بالقلب من إيمان، وخلاصة قولهم أن الإيمان هو المعرفة بالله ورسله وما جاء من عنده، وما عدا ذلك ليس من الإيمان، ولا يضر هذا الإيمان ما يعلن صاحبه حتى لو أعلن الكفر وعبد الأوثان؛ فما دام العمل لا يترجم بالضرورة عن مكنون العقيدة فلا سبيل إذاً للحكم على المعتقدات، وما علينا إلا أن نرجئ الحكم على الإيمان إلى يوم الحساب، وتلك هي مهمة الخالق وحده وليست مهمة أحد المخلوقين في الحياة الدنيا.
وفي هذا السياق نشير إلى أن الدولة الأموية (661 م- 750 م) أشاعت في الحياة الفكرية آنذاك عقيدتي " الجبر والإرجاء " تبرر بالأولى مظالمها وما أحدثته من تحول بالسلطة السياسية ، خاصة استبدال الخلافة الشورية بالملك الوراثي، وتحاول أن تفلت بالثانية _ الإرجاء _ من إدانة المعارضة وحكمها على إيمان هذه الدولة وعقيدة حكامها بعد أن ارتكبت تلك المظالم.
ثالثاً:المعتزلة: جذورهم تعود إلى تيار أهل العدل والتوحيد الذي كان من أبرز قادته الحسن البصري المعروف بعدائه للنظام الأموي، تصدى هذا التيار لعقيدة " الجبر/ التي أظهرها الأمويون " وعارضها بإظهار موقف الإسلام المنحاز إلى حرية الإنسان واختياره وقدرته، ومن ثم مسؤوليته عن أفعاله، ثم جاء " واصل بن عطاء " الذي حدد الأصول الفكرية الخمسة للمعتزلة وهي: العدل _ التوحيد_ الوعد والوعيد_ المنزلة بين المنزلتين_ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لقد كانت المعتزلة من أصدق الفرق في الإسلام حيث جمعت بين النص والممارسة في موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكانوا ضد الأشعري الذي قال : " إن السيف باطل ولو قتلت الرجال وسبيت الذرية، وأن الإمام قد يكون عادلاً أو غير عادل وليس لنا إزالته حتى وإن كان فاسقاً؛ كما كانوا نقيضاً أيضاً لأحمد بن حنبل الذي يقول: " إن من غلب بالسيف حتى صار خليفة، وسمي أمير المؤمنين فلا يحل لأحد يؤمن بالله أن يبيت ولا يراه إماماً عليه ، براً كان أو فاجراً ، فهو أمير المؤمنين (وهناك قول لأحد أئمة ذلك العصر يسندوه ظلماً لأبي حنيفة ينص على أن "ستين عاماً في ظل حاكم ظالم لهي أفضل من ليلة واحدة دون حاكم". لقد كان موقف المعتزلة نقيضاً _ كما يقول محمد عمارة لكل هذه المذاهب فقد أوجبوا النهي عن المنكر باليد واللسان والقلب، لقد كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عندهم عملاً سياسياً واجتماعياً في آن واحد لأن الأمر بالمعروف عندهم هو من فروض الكفاية وواجباتها، ومعلوم أن فروض الكفاية أكثر أهمية من فروض الأعيان، ( المقصود بالأعيان الصلاة والصوم والزكاة…الخ ) لأن تخلف قيام فرض العين يأثم به من أهمل فيه ، أما تخلف قيام فرض الكفاية فالذي يأثم به الأمة جمعاء. إن روعة المعتزلة تكمن في أن أمرهم بالمعروف كان يستند إلى الأمر به فقط وليس مطلوباً حمل الغير على الامتثال بهذا الأمر ( فالواجب هو الأمر بإقامة الصلاة ، لا حَمل تاركها على القيام بها) أما بالنسبة لفرض الكفاية فقد دعوا إلى سل السيف وتجريده ضد الحاكم أو الإمام الجائر.
لقد كان محمد عمارة محقاً إلى أبعد الحدود حينما وصف المعتزله بأنهم فرسان العقلانية في الحضارة الإسلامية، فقد مثلوا تياراً عقلياً في الفكر العربي الإسلامي تميز بالنظرة الفلسفية لأمور الدين والدنيا حتى قبل حركة الترجمة عن اليونان، فالعقل عندهم هو " وكيل الله " عند الإنسان جعل إليه قيادة نشاطاته وهم يطلبون أن يدعم الإنسان عقله الغريزي بعقله المكتسب فذلك هو السبيل لبلوغغاية الكمال كما يقول " الجاحظ " . اختلف المعتزلة عن السنة في عرضهم للأدلة، فهي عند أهل السنة ثلاثة: الكتاب _ السنة _ الإجماع ؛ بينما هي أربعة عند المعتزلة يضيفون العقل إلى هذه الأدلة الثلاثة ويقدمونه عليها جميعاً ، بل يرون أن العقل هو الأصل فيها جميعاً ، وكان طبيعياً أن يقدموا العقل في أمور الدنيا كما قدموه في أمور الدين وجعلوه حاكماً تعرض عليه المأثورات كي يفصل في صحتها رواية ودلالة . كان العصر الذهبي للمعتزلة هو عصر المأمون من 813 م- 833 م والمعتصم (833م- 842 م) والواثق (842 م- 847 م)
وبموت هذا الأخير انتهى عصر المعتزلة وحصل الانقلاب ضدهم وضد نزعتهم العقلانية على يد المتوكل
847)م- 861 م ) حيث اقتلعوا من مناصبهم وأبعدوا عن التأثير الفكري وزج بالكثير من أعلامهم في السجون، وأبيدت آرائهم، وتقلص سلطان العقل على الحياة الفكرية والعامة وساد الظلام وتعطل التطور.
هكذا كان المعتزلة كوكبة من أهل الفكر والنظر والدين والثورة اتخذوا من الفلسفة والرقي في المعرفة بديلاً عن الأحساب والأنساب، حسبما يؤكد محمد عمارة في كتابه "المذاهب والتيارات الإسلامية". ويضيف حسين مروه إلى كل ما تقدم _ دون أن يتناقض معه _ بعداً فلسفياً للمعتزلة أورده في كتابه " النزعات المادية في الإسلام " بقوله :" أن المعتزلة استشرفوا إدراك وجود قوانين موضوعية في الطبيعة تجري وفقها الظاهرات الطبيعية كلها ، وأن (القدر ) عندهم بخيره وشره من الإنسان ، وأن الإنسان متفرد بين مختلف الكائنات تميزه الحرية في الاختيار لأفعاله، وأن امتلاكه خاصة العقل هو المصدر والأصل في تفرده بتلك الميزة. ويضيف مروه: "إن مفهوم العدل الدنيوي ، الأرضي عند المعتزلة لا ينفصل أيضاً عن حرية الإنسان، أنهم يرفضون الحتمية القدرية التي تسلب الإنسان اختياره فيما يفعل". وحول خلق القرآن يرى مروه " أن المعتزلة أكدوا أن كلام الله ليس (بقديم) أي ليس من الصفات المعادلة للذات وإنما هو حادث أو مخلوق ككل شيء مخلوق في الكون، فمعنى كون الله متكلماً .. إذن إنه خالق الكلام ، ويبرهنون على ذلك بالقول " إن البشر هم موضوع الأوامر القرآنية .. فكيف يعقل أن يوجه الله أوامره إلى المعدوم، إن ذلك نوع من العبث الذي لا يجوز على الله ". فالكلام _ في رأيهم _ لكي يتحقق شرط وجوده يحتاج إلىُ مكلِّم (بالفتحة) ومكلَّم (بالكسرة)، وقبل وجود المُكلَّمين ليس هناك سوى مُكلِّم من دون مُكلَّم ، بذلك يكون القول بأزلية القرآن نفياً لعقلانية التشريع وهو باطل .
رابعاً:الشيعة:وهي تعني لغوياً الأنصار أو الأعوان، أما في إطار الفكر الإسلامي فقد غلب هذا المصطلح "الشيعة " على الذين شايعواً وناصروا عليا بن أبي طالب (600 م- 661 م) والأئمة من بنيه. وأهم ما يميز الشيعة ، نظرية " النص والوصية " أي النص على أن الإمام بعد الرسول هو علي بن أبي طالب، الوصية من الرسول _ بأمر الله _ لعلي بالإمامة ، وكذلك تسلسل النص والوصية بالإمامة للأئمة من بني علي ، و صاحب هذه النظرية " النص والوصية " هو هشام بن الحكم _ توفي سنة 805م
والشيعة تنقسم إلى عدة تيارات ، لكن التيارات الرئيسة ظلت هي :
أ‌. الإمامية الإثني عشرية
ب‌. الزيدية
ج. الإسماعيلية
وقد سميت الإثنى عشرية لأن سلسلة الأئمة عندهم توقفت عند الإمام الثاني عشر ( أبو القاسم ) من أحفاد علي بن أبي طالب المولود عام ( 256 هـ ، 870 م) والذي ما زال غائباً في اعتقاد الشيعة الإثنى عشرية (الإمام الغائب أو المهدي) وهم في انتظار عودته، وفي هذا السياق نورد هنا الموقف الديني السياسي الحالي للنظرية الشيعية في إيران بعد الثورة الإسلامية والذي يستند على " أن الفكر الشيعي يجعل للرسول كل ما لله في سياسة المجتمع وعقيدة أهله ، وبعد الرسول أصبح كل ما له للإمام ، وبعد غيبة الإمام فإن كل ما للإمام _ الذي هو كل ما لله وللرسول _ هو للفقيه أو آية الله الذي يقع عليه الإجماع ، وهذا ما يسمى في الفكر الشيعي السياسي " ولاية الفقيه".
خامساً: ظاهرة الزهد والتصوف :
في كتابه " النزعات المادية في الإسلام " يقول مروه بأن : "حركة التصوف بدأت وجودها الجنيني ببدء حركة الزهد خلال القرن الأول الهجري ، ويؤكد على ضرورة التفريق بين زهد بعض كبار الصحابة وبين زهد بعض علماء المسلمين بعد الانتفاضة ضد عثمان" ويفسر ذلك بقوله " إن زهد كبار الصحابة اتسم بطابع أخلاقي، تأثر بالنشأة الأولى للإسلام والمسلمين واقتصر على التزام أسلوب العيش اليومي البسيط دون أن يشكل ظاهرة عامة، أما المسلك الثاني، فقد اتسم بطابع مختلف جداُ كان ظاهرة شائعة من أبرز ظاهرات المجتمع الجديد ( الدولة الأموية وما بعدها ) اتخذت شكلاً دينياً ، ولكن جوهرها اجتماعي سياسي، فهي رد فعل لمجمل الأحداث الخطيرة الدامية والصراعات السياسية المتلاحقة منذ مصرع الخليفة عثمان، لذا فإن الطبيعة الخاصة لهذا المذهب "الزهدي" هي طبيعة الموقف السياسي، المعارض وإن بدا محتواه سلبياً عدمياً أول الأمر، ومع ازدياد
الاستبداد الأموي ، وفي ظروف ازدياد التمايز الاجتماعي الفاحش بدأ الزهاد في اتخاذ موقف المعارض للوضع الاجتماعي والسياسي، فهذا عبد الله بن عمر يقول في عهد الحجاج " ما شبعت منذ مقتل عثمان " إنه هنا يعبر عن جوع الأغلبية من الناس وليس جوعه الشخصي، لذا فإن الزهد في هذا العهد كان تعبيراً عن المعارضة ومرتبطاُ بالثورة على السلطة القائمة.
وعن الصوفية و علاقتها "بالظاهر والباطن" يقول مروه إن هذه المقولة " فتحت أمام الصوفية طريقاً عريضة إلى معارضة الفكر الديني الرسمي: عقيدة وشريعة، فعلى أساسها أقاموا الفكرة القائلة بأن للقرآن مضموناً… " ظاهرياً " هو منطوقه الذي تؤديه الدلالات اللغوية والبيانية المباشرة كما يفهمها عامة الناس، ومضمونا " باطنياً " هو عندهم المضمون الحقيقي الذي لا يتكشف إلا "للراسخين في العلم وهم الصوفية "العارفون"، وقد سَمُّوا المضمون الأول ( الظاهري) بالشريعة وسموا المضمون الثاني بالحقيقة ووصلوا بعد ذلك إلى القول بسقوط الشريعة إذا كشفت الحقيقة " أي أن الصوفي لا يلتزم بأحكام " الشريعة " إذا تكشفت له "الحقيقة" إن الخلاصة التي يتوصل إليها مروه أن التصوف بدأ تطوره التاريخي عبر حالة جنينية أولى كان الزهد فيها مسلكاً عدمياً ثم تطور إلى موقف فكري يتضمن معارضة ذات وجهين: الأول ديني ويرتكز إلى التأويل أي استخراج المعنى من الباطن ، والثاني سياسي يدعو إلى استنكار الظلم الاجتماعي والاستبداد، ثم انحدر إلى شكل من أشكال الوعي الفلسفي بالذات في القرون الوسطى ليصبح تعبيراً عن موقف إيديولوجي لا يختلف عن موقف الأفلاطونية المحدثة أو الفلسفة المدرسية الرجعية. نلاحظ هذا الموقف بعد القرن الثاني للهجرة حيث بدأت ظاهرة الزهد تنفصل _ نسبياً _ عن مصدر وجودها؛ أي أن بُعدها الاجتماعي _ السياسي أخذ يتوارى ليظهر بعدها الديني ، بمعنى أن الجانب الديني للزهد الذي هو جانبه الشكلي أخذ في التغلب على جانبه الاجتماعي _ السياسي الذي كان أساس وجوده.
2- الفلسفة الإسلامية :
تميزت الفلسفة الإسلامية، عبر رموزها من الفلاسفة المسلمين بغض النظر عن أصولهم عرباً أو فرساً، بآليات ذهنية أو عقلية مشتركة في الجوهر بالرغم من اختلافها في الاجتهاد، هذه الآليات يجملها نصر حامد أبو زيد فيما يلي:
1. التوحيد بين " الفكر " و " الدين ".
2. تفسير الظواهر كلها برَدِّها جميعاً إلى مبدأ أول أو علة أولى، تستوي في ذلك الظواهر الاجتماعية أو الطبيعية.
3. الاعتماد على سلطة " السلف أو التراث " وذلك بعد تحويل النصوص التراثية _ وهي نصوص ثانوية _ إلى نصوص أولية ، تتمتع بقدر هائل من القداسة لا تقل _ في كثير من الأحوال _ عن النصوص الأصلية .
4. اليقين الذهني والحسم الفكري " القطعي " ورفض أي خلاف فكري _ من ثم _ إلاَ إذا كان في الفروع والتفاصيل دون الأسس والأصول.
5. إهدار البعد التاريخي _ ( في شكله الحاضر ) _ وتجاهله ، ويتجلى هذا في البكاء على الماضي يستوي في ذلك العصر الذهبي للخلافة الرشيدية وعصر الخلافة التركية العثمانية .
وفي هذا الصدد فإنه لمن المفيد الإشارة إلى أن الفلاسفة المسلمين توزعوا إلى اتجاهين، لا يختلفان في الجوهر، الأول : جماعة أطلق عليهم اسم الفلاسفة المنطقيين أو الآلهيين (الميتافيزيقيون)، وقد كان لهم دور كبير في التفكير الإسلامي سواء في المشرق، مثل الكندي، الفارابي، وابن سينا وإخوان الصفا أو مثل ابن رشد في المغرب، أما الاتجاه الثاني فقد عرفوا بالفلاسفة الطبيعيين أو العلماء وأشهرهم أبو بكر الرازي.
- الكنـــــدي (800 م-879 م)

أبو يوسف يعقوب بن اسحق الكندي ، درس أرسطو وعرف عنه إيمانه بالمشروطية السببية لظواهر الطبيعة والمجتمع، ويرى أن: " هذا العالم حادث وأن الله خلقه من العدم وبالتالي فإن هذا الكون له بداية في الزمان" وليس قديماً كما يدعي بعض الفلاسفة ، إلى جانب ذلك يرى الكندي أن مصادر المعرفة هي العقل والحواس والخيال ، فالعقل يدرك الكليات _ ( اللـــه ، الطبيعة ) _ كما يدرك كل ما لا تدركه الحواس، والحواس تدرك الجزئيات والماديات، أما الخيال فيأتي وسطاً بين الاثنين، أي بين الإدراك العقلي والإدراك الحسي. كان " عالماً " باللغة الفارسية والعربية واليونانية بصفة خاصة وقد كلفه الخليفة المأمون بنقل العلوم الفلسفية إلى اللغة العربية ضمن الذين كلفوا بالنقل والترجمة ، كان يميل إلى مذهب أهل الاعتزال واضطهد بسبب هذا الميل؛ عرف عنه اشتغاله بعلوم الرياضة و الموسيقى و الطب إلى جانب الفلسفة) يقول عنه مصطفى عبد الرازق في كتابه " فيلسوف العرب والمعلم الثاني" إن الكندي في القرون الوسطى كان واحداً من ثمانية هم أئمة العلوم " الفلكية " .
- الفارابـــــي (870 م- 950 م)

- أبو النصر ، رياضي وطبيب وفيلسوف ، درس أرسطو ووافق على أن الله هو العلة الأولى للوجود لكنه قال بوجود العالم الخارجي بشكل مستقل عن القوى الخارقة ( وفق قوانين التطور ) أما مصدر المعرفة عنده أعضاء الحواس (القوة الماسة) والمخيلة والعقل. آمن واقتنع بالدليل الذي ساقه أرسطو على وجود الله، وفي أحد مؤلفاته حاول التوفيق بين أفلاطون وأرسطو!!
- ابن سينا (980 م- 1037 م)

- يعتبر من أبرز علماء ومفكري بلدان الشرق في عصره، كان عالماً موسوعياً تفوق في الطب والفلسفة ، كانت الفلسفة عنده علم عن " الوجود بما هو وجود" أي أنه يعترف بالوجود الموضوعي للطبيعة، وكان لذلك أثر في أنه اعتمد في كل أعماله على دراسة الوقائع والتجارب؛ قام بعرض آراء أرسطو وفي عرضه هذا استنتج أن المقولات والمبادئ المنطقية يجب أن تتفق مع الأشياء، أي مع قانونيات العالم الموضوعي، ويفسر ذلك بقوله : "إن الله لا يخلق شيئًا دون وجود إمكانية لهذا الشيء" ، أما مصدر هذه الإمكانية فهو المادة غير المخلوقة والخالدة أبداً ( اللــه ) وإذا كان الله خالداً فإن العالم خالد أيضاً ، لأن العلة والمعلول مرتبطان في رأيه دوماً (إنها ومضة مادية في تفكير ابن سينا الميتافيزيقي)، ورغم مثاليته إلا أن فكرته عن خلود العالم المادي تتناقض مع التصورات الدينية عند المسلمين وغيرهم عن نهاية العالم ومحدود يته.
لقد انقسمت الفلسفة عند ابن سينا إلى قسمين : فلسفة نظرية وفلسفة عملية : النظرية هي: التي يكون الغرض منها حصول الاعتقاد بحال الموجودات على ما هي عليه ، و العملية هي : التي يكون الغرض منها تحصيل المعرفة للإنسان، له العديد من المؤلفات في الطب (الشفاء)، وفي الفلسفة (كتاب النجاة)، (الإشارات) (ورسائل في الموسيقى)...
- ابن رشد (12) (1126 م- 1198 م)

هو أبو الوليد محمد بن رشد المولود في قرطبة ، كان فيلسوفاً وفقيهاُ وطبيباً وقبل كل ذلك كان قاضياً إذ تولى منصب قاضي القضاة في قرطبة بعد وفاة والده ، شرح أرسطو حتى قال معاصروه : " لقد فسر أرسطو الطبيعة، أما ابن رشد فقد فسر أرسطو" ولكنه لم يكتف بالتفكير والشرح بل نَّقح وعَّدل وطور في فلسفته كما يؤكد عدد من المفكرين الذي كتبوا عنه.
كان "يرى أن العالم المادي لانهائي في الزمان ولكنه محدود مكانيا، وهو يرفض التصورات اللاهوتية عن خلق العالم من لا شيء" لم يرفض أبداَ وجود الله ولكنه يقول بأن الله والطبيعة معاً موجودان منذ الأزل، فلم يكن هناك زمن وجد فيه الإله قبل أن توجد الطبيعة، ويقول أيضاً أن الله هو المصدر الأزلي للواقع، في حين تشكل المادة الأساس الوحيد للوجود والمصدر الأزلي للمكان. إن المادة والصورة عند ابن رشد متلازمتان لا توجد إحداهما بدون الأخرى، المادة هي المصدر الكلي والأزلي للحركة، والحركة أزلية خالدة مستمرة وكل حركة جديدة تصدر عن سابقتها. إن أفكار ابن رشد المادية لم تخل من شوائب مثالية حيث تشكل الموجودات في رأيه مراتب أو درجات يتربع على قمتها الله باعتباره العلة الأخيرة للوجود".
وهكذا آمن ابن رشد بالعقل باعتباره منطلقاً لتصحيح مسار التفكير الإسلامي الذي انحرف بفعل الأفكار الأشعرية والمعايير الغزالية والمبادئ الصوفية ، وساهم في كبح جماح الغزالي وكَشَف وعرَّى الكثير من أقواله ونظرياته الخاطئة ورد للفلسفة اعتبارها في كتابه " تهافت التهافت " ضد كتاب الغزالي " تهافت الفلاسفة ". لقد قدم ابن رشد الفلسفة على الدين، وألزم أهل البرهان (أو الفلاسفة) بالتأويل: أي استخراج المعنى الباطن الذي ينطوي عليه ظاهر النص الشرعي، إنه بهذا كان يريد حصر المعرفة الحقيقية بالفلاسفة لأنهم وحدهم الذين بإمكانهم إدراك ذلك المعنى الباطن، أما الظاهر فهو لأهل الجدل وجمهور العامة الذين يكتفون عادة بالنقل دون العقل؛ تأثر به الكثيرون من المفكرين في فرنسا وأوربا (الذين سموا أتباع ابن رشد) وانتشر بواسطتهم التيار العقلي والعلماني في أوربا مما دفع بالكنيسة في فرنسا إلى إصدار إدانتين لابن رشد وأفكاره ( الإدانة الأولى في عام 1271 م والثانية في عام1277م)


ومن هذه الأفكار المدانة حسب لائحة الكنيسة:
1. إنكار الرشديين لحدوث العالم وإصرارهم على القول بأزليته.
2. إنكارهم على الله الخلق من عدم .
3. إنكارهم على الله العلم بالجزئيات .
4. إنكارهم للخوارق والمعجزات.
5. قولهم بمبدأ الحقيقتين أي أن : الحقيقة الفلسفية والحقيقة الدينية موجودتان وصادقتان وأن اختلفتا ظاهراً ( أي أن طبيعة الدين لا تتنافى مع طبيعة الفلسفة).
- ابن خلدون (1332 م- 1406 م)

- رغم كل ما عليه من مآخذ ذاتية ، فقد كان من بين المؤرخين والمفكرين الاجتماعيين المتميزين إذ يعتبره البعض أفضل مفكر ظهر في الفترة الفاصلة بين أرسطو وماكيافيلي. ففي مقدمته المطولة التي عرفت باسم " مقدمة ابن خلدون " تناول كثيراً من الموضوعات الهامة :
• حقيقة التاريخ ومهمة المؤرخ .
• العوامل الطبيعية في تكوين الأمم .
• المؤسسات الاجتماعية في البدو والحضر .
• العوامل الاجتماعية في نشوء الأمم .
• العوامل العارضة في المجتمع الإنساني .
كان ابن خلدون يرى أنه لا حاجة لنا بقوانين المنطق الصوري ( الأرسطي ) لأنها " لا تتفق مع طبيعة الأشياء المحسوسة ، ولذلك يجب على العالم أن يفكر فيما تؤدي إليه التجربة الحسية وألاَ يكتفي بتجاربه الفردية" ؛ إن ابن خلدون يعتبر فيلسوفاً حسي النزعة لا يؤمن إلاَ بالمحسوس والتجربة، ورأى أيضاً أن المنطق طبيعي في الإنسان وأن العقل الذي وهبه الله إياه طبيعة فطرها الله فيه ، فيها استعداد لعلم ما لم يكن حاصلاً .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://psychos.net
 
الفلسفة الإسلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» طه عبد الرحمن يُزلزل القراءات الإسلامية والعَلمانية حول الدين والسياسة
» الإسلام والسياسة (دور الحركة الإسلامية في صوغ المجال السياسي) - عبد الإله بلقزيز
» نشأة الفلسفة
»  الفلسفة الحديثة
» الفلسفة المعاصرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المعرفة للجميع :: الفلسفة والإنسانيات :: فضاء الفلسفة بالثانوي :: مقالات فكرية-
انتقل الى: