هل هو التحليل الذي يقفز فيه المترشح مباشرة إلى "المواقف المعارضة والمؤيدة" أم هو اللحظة التي يتم فيها تفكيك النص أو القولة أو السؤال إلى أجزائه ومفاصله الرئيسية؟
إن التحليل الجيد هو مرحلة هامة من مراحل معالجة النص أو القولة أو السؤال وينبغي فيه الحرص على تقسيم النص وتفكيكه إلى لحظاته الأساسية وأفكاره المحورية مع التركيز على أدواته الحجاجية ومفاهيمه الرئيسية دفعة واحدة مع ختم التحليل بسؤال انفتاحي يمهد لمناقشة دعوى أو أطروحة النص على أن نشرع دائما بمناقشة داخلية نبرز فيها قيمة هذه الأطروحة وحدودها إذ يشكل الاعتراض على موقف النص كفاية أساسية يجب أن تتوفر في التلميذ وتتجلى في إنشائه الفلسفي، فالتلميذ الماهر هو الذي لديه القدرة على الانغماس في التفكير الذاتي انطلاقا مما تعلمه في الفصل وبالرجوع إلى تجربته الذاتية. بعدها يمكنه أن يستأنس ببعض التصورات الفلسفية مع القدرة على استثمارها. فعليه ألا يذكر كل شيء عن الفيلسوف بل عليه أن يستحضر ما ينسجم والإشكال المطروح.أما التصفيف الميكانيكي للمواقف الفلسفية فهو عملية عقيمة لا معنى لها تكشف بالواضح أن التلميذ لم ينخرط في محاورة النص واستكناه دلالاته الخفية والمضمرة ومحاولة نقده واستقراء جزئياته للخروج بخلاصات تعكس الفهم السليم للنص والتأويل الصحيح لشفراته واستعاراته ورمزيتها.
بعد التحليل تأتي لحظة المناقشة، وهي لحظة يبرز فيها المتعلم قدراته على النقد ومدى تشبعه بروح النقد وأول خطوة في المناقشة هي تلك التي نحاور فيها النص داخليا فنبرز ثغراته ونقط ضعفه أو قوته. وبعد هذه الخطوة الأولى التي غالبا ما يهملها التلميذ ينبغي الانفتاح على بعض المواقف الفلسفية التي عالجت ربما نفس الإشكال المطروح وإن بأشكال أخرى على أن نركز هنا على ما يتناسب وطبيعة النص أو السؤال أو القولة دون زيادة أو نقصان، ويستحسن بل ويجب أن تستثمر هذه المواقف ولا ينتقى منها إلا ما يتناسب ودعوى موضوع الامتحان.