المعرفة للجميع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المعرفة للجميع

زاد المعرفة ونبراس يضيء كل الدروب المظلمة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المحور الثالث: معيار علمية النظريات العلمية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
واحد من الناس
Admin
واحد من الناس


المساهمات : 494
تاريخ التسجيل : 28/10/2011
العمر : 42

المحور الثالث: معيار علمية النظريات العلمية Empty
مُساهمةموضوع: المحور الثالث: معيار علمية النظريات العلمية   المحور الثالث: معيار علمية النظريات العلمية Emptyالأحد يناير 27, 2013 2:28 pm

سنحاول أن نتناول هذا المحور من خلال الإجابة على الإشكال المؤطر له وهو كالتالي: ما هي معايير علمية النظريات العلمية؟ أو بعبارة أخرى، كيف نتحقق من أن نظرية ما هي نظرية علمية؟


1- تعتبر نظرية نيوتن في الجاذبية نظرية علمية، وتعتبر نظرية داروين في التطور نظرية علمية، كما تعتبر نظرية إنشتاين في النسبية نظرية علمية، ونفس الأمر بالنسبة لنظرية كانتور في المجموعات وغيرها. فما الذي تشترك فيه هذه النظريات ويجعلها نظريات علمية؟ ما هي الشروط والخصائص الواجب توفرها في النظرية لتكون نظرية علمية؟ بعبارة أخرى ما هي معايير علمية النظريات العلمية؟ وما هي مقاييس صدقها وصلاحيتها؟
والسؤال الذي نحن بصدد تحليله ومناقشته ينتمي، إذن، إلى موضوع النظرية والتجربة، وبالضبط معيار صلاحيتها أو علميتها.

2- قبل الشروع في تحليل منطوق السؤال والإجابة عن الأسئلة السالفة الذكر لا بد في رأيي من تحديد دلالة المفاهيم الأساسية للسؤال المطروح. فالسؤال يتألف من ثلاثة مفاهيم مركزية هي: النظرية والمعيار والعلمية. فما هو مدلول هذه المفاهيم؟
تتحدد النظرية باعتبارها نسقا من المبادئ والقوانين ينظم معرفتنا بمجالات خاصة. والمعيار هو كل ما يعير به، أي كل ما يقاس به غيره ويسوى، إنه المرجع الذي تميز وتصنف به الأشياء والمفاهيم، وبه نحكم على قضية ما بأنها صحيحة أو خاطئة. أما مفهوم العلمية فهو يعني الشروط والمبادئ الضرورية للحكم على نظرية ما بأنها علمية أي ما يجعلها تحظى بإجماع واتفاق الباحثين والعلماء.
يتضح بعد تأمل بسيط للسؤال أن مفردة معايير جاءت على صيغة الجمع مما يعني أننا أمام معايير متعددة. وهذا ما سيجعلنا بالضرورة نستدعي وجهات نظر متباينة لمعالجة هذا السؤال الإشكالي. ومن هنا فإذا كانت النظرية العلمية، هي مجموعة من المبادئ والقضايا والقوانين المنظمة، في علاقتها بموضوع علمي محدد، فكيف يتأتى للعلماء والابستيمولوجيين التحقق من علميتها وصلاحيتها؟ هل يتم ذلك بالرجوع إلى معيار واحد أم بالتوسل بمعايير متعددة؟ وأخيرا ما هو المعيار السليم الذي يصبغ طابع الصلاحية والعلمية على نظرية ما؟
لقد أفرز التفكير في هذه الإشكالية ثلاثة مواقف متباينة: فبالنسبة لأنصار الموقف الأول، يعتبر معيار التحقق التجريبي هو المعيار الوحيد لصدق النظرية العلمية. ويحضر هذا المعيار بشكل أساسي عند أصحاب النزعتين التجريبية والوضعية. وقد تبلور هذا المعيار بشكل خاص مع الوضعية المنطقية (حلقة فيينا) التي يعد رودولف كارناب أحد أبرز أعضائها؛ فهذا الأخير يقول بأن النظرية العلمية ليست سوى تمثيل صوري لمعطيات مادية، أي أنها نسق من القضايا العلمية التي يقابل كل منها واقعة مادية جزئية. وكل نظرية تتضمن قضايا لا يقابلها أي شيء في الواقع فهي ليست نظرية علمية وإنما هي مجرد قول ميتافيزيقي (متعال، صوري، مجرد) لا معنى له. لذلك كانت أول خطوة ينبغي القيام بها للتأكد من صدق وصلاحية نظرية علمية ما، في رأي الوضعية المحدثة، هي أن نقوم بفحص عباراتها للتأكد من أن لها معنى، أي لكل منها مقابل محسوس في الواقع، وفي خطوة تالية نقوم بتحليل منطقي لبنائها. ونجد نفس التصور لدى بيير دوهيم الذي أكد أن معيار التثبت من صلاحية النظرية العلمية يكمن في التجربة، حيث ينبغي أن يحصل توافق بين القوانين التجريبية التي تمثلها النظرية وبين التجربة كما تم إعدادها. يقول في كتابه "النظرية الفيزيائية: موضوعها وبنيتها" «إن الاتفاق مع التجربة هو الذي يشكل بالنسبة للنظرية الفيزيائية المعيار الوحيد للحقيقة»
غير أن القول بالتجربة كمعيار للتحقق من علمية نظرية ما لا يعني أنها كافية لوحدها '' فلا وجود لتجربة حاسمة في العلم" .
أما الموقف الثاني، فيمثله الفيلسوف الإنجليزي كارل بوبر الذي اقترح معيارا آخر للتثبت من صحة النظرية العلمية، ويتمثل في قابلية التكذيب أو التزييف. فما معنى هذا المعيار الجديد؟ يكمن هذا المعيار في أن العلماء أثناء اختبار نظرياتهم عليهم البحث عما يفندها ويكذبها، لا عما يؤكدها ويجعلها يقينية. فالنظرية التي تحتمل التكذيب أفضل من النظرية المطلقة على حد تعبير بوبر لأن قدر العلم هو التقدم والتجاوز وليس الثبات.
أما الموقف الثالث، فقد جاء نتيجة عجز المعيارين السابقين عن استيعاب كل النظريات العلمية (الواقع الماكروفيزيائي: الأجسام الصلبة والمحسوسة فقط) وظهور واقع جديد هو الواقع الميكروفيزيائي (الإلكترونات والنيترونات والبروتونات) وهو واقع يختلف جذريا عن الواقع الماكروفيزيائي، إنه واقع رياضي مجرد وليس بمحسوس، معقول وليس ماديا، مبني وليس معطى. وبالتالي فمن العبث الاعتماد على معيار التحقق أو التكذيب لفحص النظريات التي تجسد مثل هذا الواقع. لهذا يعتبر بعض العلماء أمثال إنشتاين بأن صلاحية مثل هذه النظريات يتوقف على تماسكها الداخلي، بمعنى آخر أن تكون عناصر النظرية من مفاهيم وقوانين قائمة على استنباط عقلي سليم. وما دام أن المبدأ الخلاق في مثل هذه النظريات هو الرياضيات وليس التجربة، فلن يمكن لأي معيار أن يفحص صدقيتها غير الرياضيات نفسها. «إن المبدأ الخلاق في العلم لا يوجد في التجربة، بل في العقل الرياضي.»

3- انطلاقا مما تقدم، يتضح أنه لا يوجد معيار واحد يسمح بمعرفة مدى علمية نظرية ما من عدمها. فإلى جانب التصور القائم على التحقق التجريبي، نجد التصور الذي يعتمد معيار القابلية للتكذيب أو التزييف، مثلما نجد التصور الذي يعتمد معيار الصدق أو التماسك الداخلي. ولعل أساس الاختلاف في المعايير يكمن في تعاملها مع ظواهر جديدة في مراحل معينة من تطور العلم، بحيث تميزت كل مرحلة بخصوصيات اقتضت معيارا أو معايير بعينها.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://psychos.net
 
المحور الثالث: معيار علمية النظريات العلمية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المعرفة للجميع :: الفلسفة والإنسانيات :: فضاء الفلسفة بالثانوي :: ملخصات الدروس-
انتقل الى: