رواية عالم صوفي

تقديم الرواية والتعريف بمؤلفها: من إنجاز التلميذة وفاء صادق

شكرا وفاء على عملك الرائع واصلي عملك وسيري بنفس الروح وعلى نفس النهج وتأكدي أن درب العلم يبدأ بهذه الخطوات الأولى

الفصل الأول من الرواية: من إنجاز التلميذة صفاء وزا

هذا اليوم لم يكن في صندوق البريد إلا رسالة صغيرة، وكانت موجهة لصوفي كانت الرسالة معنونة ببساطة:
صوفي أمندسن
3- زقاق النفل
لا شيء آخر. أية إشارة عن المرسل ، حتى ولا طوابع . لم تكن الورقة تقول صباح الخير، ولا من طرف من أرسلت. فقط هاتان الكلمتان وبعدهما ثلاث علامات استفهام.
_ من أنت ؟
أي سؤال أبله وكأنها لا تعرف أنها صوفي أمندسون ولكن من هي صوفي هذه في النهاية؟ إنها لا تعرف الكثير، وبدقة، عن ذلك.
كانت ترى رأسها بشعا إلى الحد الذي يجعلها تتساءل أحيانا عما إذا كانت قد ولدت مع تشوه خلقي. على أية حال ، لقد قالت لها أمها إن ولادتها كانت صعبة. لكن هل تحكم ولادتنا مظهرنا إلى الأبد؟ أليس من المستغرب أنها لا تعرف من تكون؟ أليس من غير العدل ألا نستطيع اختيار مظهرنا الخارجي؟ إنه يفرض علينا هكذا. نحن نستطيع أن نختار أصدقاءنا لكننا لم نختر أنفسنا. إنها حتى لم تختر أن تكون كائنا بشريا. فما هو الكائن البشري؟
لكم كان غريبا أن تجد نفسها في العالم، منشغلة بقصة غير مألوفة إلى هذا الحد
وكلما كانت تعي اكثر أنها تحيا، كلما كانت فكرة أنها لن تظل هنا إلى الأبد، تتسرب إلى نفسها.
أنا موجودة الآن-فكرت- لكنني في يوم ما لن أعود هنا .
هل هناك حياة بعد الموت؟
لكان الأمر يشبه وجهين لقطعة واحدة، لا تتوقف عن تقليبهما في يدها. ولم يكن من شان ما يظهر واضحا على احد الوجهين على إلا أن يقوي الوجه الآخر. إن الحياة والموت يلتصقان ظهرا لظهر. فمن المستحيل أن نشعر أننا أحياء إذا لم نفكر أيضا بأننا سنموت يوما، كما أننا لا نستطيع التفكير بموتنا، دون أن نحس، وفي اللحظة نفسها، بالمعجزة الغريبة، معجزة كوننا على قيد الحياة.
على هذا المغلف أيضا ،كان اسمها مكتوبا.فتحته، وأخرجت منه ورقة صغيرة مماثلة تماما للأولى ،مكتوب عليها عبارة:
- من أين جاء العالم؟
ليس لدي أية فكرة عن ذلك،قال صوفي لنفسها ،لا أحد يستطيع أن يعرف هذا النوع من الأشياء ومع ذلك فإن السؤال يستحق الطرح. ولأول مرة في حياتها، رأت أنه لا يمكن العيش دون التساؤل عن الأصول على الأقل.
لقد أعطتها الرسالتان الغامضتان قدرا من النشوة جعلها تقرر الجلوس بهدوء في كوخها. فقد أحست صوفي دائما بأن الحديقة عالم قائم بذاته. وكلما كانت تسمع حديثا عن جنة عدن، وعن الخلق، تتخيل نفسها جالسة في كوخها تراقب جنتها الخاصة.
من أين جاء العالم؟ لا شك انه يمكن افتراض وجود الكون منذ الأزل، مما يسمح بتجاهل وإلغاء هذا السؤال من أصله. ولكن هل يمكن لأي شيء أن يكون موجودا منذ الأزل؟ شعرت أنها ليست موافقة على هذه الفكرة، يجب أن يكون لكل شيء بداية. أليس كذلك؟ إذن لا بد أن يكون الكون قد خلق انطلاقا من شيء آخر.
في المدرسة، علموها أن الله قد خلق العالم، وها هي تحاول أن تجد بعض العزاء في هذا التفسير. لكنه لا يكفيها تماما. جيد الله خلق العالم، ولكن. الله إذن؟ هل كان قد خلق هو الآخر انطلاقا من لا شيء؟
إن الله كان دائما موجودا .لكن هذا التأكيد بالذات هو ما رفضته فلا بد من أن تكون لكل موجود بداية.
لقد وجدت صوفي نفسها أمام لغزين ، الأول خاص بتحديد هوية من وضع المظروفين في صندوقها، أما الثانية فتتعلق بحل الأُحجيتين الدقيقتين اللذين تطرحهما الرسالة. حيث راودها إحساس غريب بأن المسألتين مترابطتان بشكل أو بآخر وأنها كانت تعيش حتى هذا اليوم حياة تافهة.