المعرفة للجميع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المعرفة للجميع

زاد المعرفة ونبراس يضيء كل الدروب المظلمة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المحور الأول: المعرفة التاريخية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
واحد من الناس
Admin
واحد من الناس


المساهمات : 494
تاريخ التسجيل : 28/10/2011
العمر : 41

المحور الأول: المعرفة التاريخية Empty
مُساهمةموضوع: المحور الأول: المعرفة التاريخية   المحور الأول: المعرفة التاريخية Emptyالأحد ديسمبر 11, 2011 11:02 am

ليس التاريخ وقائع وأحداثا تنتمي إلى الماضي فقط بل هوأيضا تلك المعرفة التي نمتلكها عن ذلك الماضي، فما طبيعة تلك المعرفة: هل هي معرفة علمية موضوعية أم أنها مجرد معرفة سردية لحوادث الماضي المنصرم؟ وهل غاية المعرفة التاريخية هي البحث عن الحقيقة أم خدمة إيديولوجيا ما؟

1- موقف بول ريكور: المعرفة التاريخية مبنية حسب منهج علمي

يؤكد ريكور أن المعرفة التاريخية ليست معطى جاهزا، بل يتم بناؤها بواسطة منهج علمي يضعه المؤرخ، بدءا بالملاحظة والمساءلة والاستنطاق والنقد...وهذا ما يجعل عمل المؤرخ عملا منهجيا يجعل من الأثر التاريخي وثيقة دالة، ويجعل من الماضي واقعا تاريخيا وعبر هذا العمل يتمكن المؤرخ من بناء الواقعة التاريخية. ورغم تشابه هذا المنهج مع مناهج العلوم الحقة إلا أن عمل المؤرخ حسب ريكور يبقى نسبيا ومحدودا وتنقصه الموضوعية لأنه محكوم برؤية المؤرخ التاريخية.

2- موقف ابن خلدون: المنهج النقدي في دراسة التاريخ

ليس التاريخ، من منظور ابن خلدون، مجرد" إخبار عن الأيام والدول، والسوابق من القرون الأول..." وإنما هو "نظر وتحقيق، وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق، وجدير بأن يعد في علومها وخليق" يميز ابن خلدون إذن بين ظاهر التاريخ وباطنه، ويعتبر أن التاريخ في ظاهره هو مجرد سرد وحكي وإخبار عن وقائع حدثت أو يعتقد أنها قد حدثت في الماضي. أما باطن التاريخ فهو الكشف عن أسباب حدوث تلك الوقائع بعد أن تخضع للتمحيص والتحقيق والنقد العقلي.لذلك يحدد ابن خلدون جملة من القواعد المنهجية التي ينبغي أن يلتزم بها المؤرخ كي لا يتيه في بيداء الوهم والغلط، يقول ابن خلدون: " الأخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل ولم تحكم أصول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمرانوالأحول في الاجتماع الإنساني ولا قيس فيه الغائب منها بالشاهد والحاضر بالذاهب، فربما لم يؤمن فيها من العثور مزلة القدم والحيد عن جادة الصدق، وكثيرا ما وقع للمؤرخين من المغالط في الحكايات والوقائع لاعتمادهم فيه على مجرد النقل"
العقلي.
ويرى ابن خلدون أن هناك غاية أساسية من دراسة التاريخ، هي تلك التي تتمثل في أخذ العبرة الأخلاقية والفائدة السياسية من الأحداث والأحوال التي عاشتها الأمم السابقة. ولهذا فالهدف من دراسة التاريخ هو الاستفادة منه في الحاضر، ولتحقيق هذا المراد يدعو ابن خلدون إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر مما يروى عن الماضي من أحداث؛ إذ الكثير منها قد يكون وهميا وخاطئا. ولن يكون هذا الحذر ممكنا إلا بإخضاع الأخبار المنقولة إلى أصول وقواعد مستمدة مما درج على تداوله في مجال السياسة ومما يميز طبيعة الاجتماع البشري.هكذا يوجه ابن خلدون نقده إلى مجموعة من المؤرخين الذين كانوا لا يتحرون الدقة في نقل الأحداث، مما يجعلهم يقعون الأوهام والمنزلقات ويقدمون أخبارا لا تاريخية ولا واقعية، هي من قبيل الحكايات الخيالية المبالغ فيها. من هنا وجب حسب ابن خلدون تأسيس المعرفة التاريخية على منهج نقدي يعتمد على تحقيق الأخبار وإخضاعها إلى قواعد ومبادئ واقعية، مستمدة من أصول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمران البشري، ويعتمد فيها على قياس الغائب على الشاهد وسبرها بمعيار الحكمة والعقل.

3- موقف ريمون آرون: المعرفة التاريخية بالماضي صعبة وتتطلب منهجا في بنائها


يؤكد آرون بدوره أن التاريخ يبنى ويعاد تشكيله انطلاقا من آثار داالة عليه، وذلك بهدف تكوين فكرة صحيحة عن الماضي. فالمعرفة التاريخية حسبه هي إعادة بناء ما كان موجودا ولم يعد، انطلاقا مما بقي كأثر دال. غير أن هذه العملية تخص زمانا ومكانا محددين، وبالتالي فهي تنفصل عن تجربتنا الخاصة في الحاضر. لهذا تستوجب مثل هذه المعرفة الماضية جهدا منهجيا في بنائها من قبل المؤرخ عن طريق فحص وتحليل الوثائق التي لا زالت تشهد على حقبة زمنية معينة.

4- موقف هنري إيريني مارو: علم التاريخ هو معرفة الماضي


لا يتحدد التاريخ، حسب هنري مارو، بكونه سردا لحوادث الماضي ولا بوصفه عملا أدبيا يطمح إلى إعادة كتابة الماضي الإنساني. إن التاريخ، في نظره، هو معرفة علمية ينئها المؤرخ عن ذلك الماضي مستندا إلى منهج علمي صارم ودقيق. يقول مارو: "التاريخ هو المعرفة العلمية المكونة عن الماضي...وإن كنا نتحدث عن العلم بشأن التاريخ، فإنما ذلك في تعارض مع المعرفة العامية التي تستند إلى التجربة اليومية. فالمعرفة التاريخية هي مععرفة مبنية تتشكل تبعا لمنهج منظم وصارم، يمثل العامل الأنجع لبلوغ الحقيقة". ف" التاريخ يتعارض مع ما ينبغي أن يكون، ومع كل تمثل خاطئ للماضي أو زائف أو لا واقعي، كما يتاعرض مع اليوتوبيا (الطوباوية) والحكاية الخيالية، وع الرواية التاريخية والأسطورة والتقاليد الشعبية والقصص التربوية..."

خلاصة:
منذ ابن خلدون لم يعد التاريخ مجرد معرفة سردية لأنها أصبحت تعتمد على قواعد منهجية دقيقة ومحددة، لكنها في الوقت نفسه لم تصر بعد معرفة علمية ولن تكون أبدا لأن الظاهرة التاريخية، فضلا عن كونها ظاهرة إنسانية فهي ظاهرة تنتمي للماضي، مما يعني استحالة دراستها بموضوعية وحياد، واستحالة أسخلاص قوانين محددة لها، لتبقى المعرفة التاريخية بذلك في منزلة وسطى بين العلم والأدب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://psychos.net
 
المحور الأول: المعرفة التاريخية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المحور الأول: التجربة والتجريب
» المحور الأول: الشخص والهوية
» المجزوءة الثانية: المعرفة
» المحور الأول: وجود الغير
» صور المعرفة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المعرفة للجميع :: الفلسفة والإنسانيات :: فضاء الفلسفة بالثانوي :: ملخصات الدروس-
انتقل الى: