المعرفة للجميع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المعرفة للجميع

زاد المعرفة ونبراس يضيء كل الدروب المظلمة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تحليل نص فلسفي ورد في الامتحان الوطني سنة 2008

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
واحد من الناس
Admin
واحد من الناس


المساهمات : 494
تاريخ التسجيل : 28/10/2011
العمر : 41

تحليل نص فلسفي ورد في الامتحان الوطني سنة 2008 Empty
مُساهمةموضوع: تحليل نص فلسفي ورد في الامتحان الوطني سنة 2008   تحليل نص فلسفي ورد في الامتحان الوطني سنة 2008 Emptyالأربعاء مايو 30, 2012 5:33 pm

الموضوع:

” من وجهة نظري يبدو أنه توجد سلسلة من الحالات الواعية متصلة بعضها مع بعض، بمقدرتي في أي لحظة أن أتذكر تجارب واعية حدثت في الماضي (…) إذ هذا هو العنصر الجوهري في الهوية الشخصية.
السبب الذي يستلزم هذا المعيار بالإضافة إلى الهوية الشخصية هو أنه من السهل لي أن أتصور حالات فيها أجد نفسي في جسد آخر عندما أستيقظ من النوم، ولكن من وجهة نظري سأكون متأكدا أنني الشخص نفسه. أنا أحتفظ بتجارب كجزء من من السلسلة، فهي تشتمل على تجارب الذاكرة لحالاتي الماضية الواعية.

ادعى “لوك” أن هذه هي الصفة الجوهرية في الهوية الشخصية، وسماها الوعي. ولكن التأويل المتعارف عليه الذي كان يقصده هو الذاكرة (…) وأظن أن هذا ما كان يعنيه “لوك” عندما قال إن الوعي يؤدي وظيفة جوهرية في تصورنا للهوية الشخصية. ولكن بغض النظر عما إذا كان “لوك” يقصد هذا المعنى، فإن استمرارية الذاكرة هي على الأقل جزء مهم من تصورنا للهوية الشخصية.”

النموذج:


يشير مفهوم الشخص إلى الذات الإنسانية بما هي ذات واعية ومفكرة من جهة، وذات حرة ومسؤولة من جهة أخرى. وإذا كان الكثير من الفلاسفة قد ركزوا على جانب الفكر والوعي باعتبارهما يمثلان جوهر الشخص البشري، فإن هناك أبعاد أخرى تميز هذا الكائن؛ بيولوجية وسيكولوجية واجتماعية وغيرها. فللشخص صفات جسدية متغيرة، كما أن له حياة نفسية متقلبة، ثم إنه حيوان سياسي وأخلاقي، محكوم بروابط وعلاقات مع الغير. هكذا فأي تحديد لهوية الشخص يصطدم بعدة عناصر تتداخل في تكوين هذه الهوية، والنص يثير بعض هذه العناصر مثل الوعي والذاكرة، فهل يكفي تحديد هوية الشخص انطلاقا من الوعي والذاكرة؟ أليس هناك مكونات أخرى لهذه الهوية؟ ثم هل يمكن الحديث عن هوية ثابتة أم متغيرة للشخص؟

يقدم المؤلف في بداية النص وجهة نظر مفادها أن العنصر الجوهري في الهوية الشخصية هو الوعي من جهة، والذاكرة من جهة أخرى. هكذا اعتبر أن بإمكان الشخص أن يتذكر في أية لحظة ما عاشه من تجارب واعية في الماضي؛ ومعنى ذلك أن لكل شخص ذاكرة تتكون من مجموعة من التجارب التي ميزت حياته سابقا، والتي قضاها في إطار من الوعي المصاحب للأفعال المنجزة من طرفه وفي علاقة مع الآخرين. وتتميز هذه التجارب الواعية بالترابط والاستمرارية، بحيث أنها حالات متصلة وكل حالة تذكر صاحبها بالحالة السابقة أو اللاحقة عليها.

وقد شبه صاحب النص الذاكرة بتلك السلسلة التي تتكون من مجموعة من الحلقات المترابطة هي عبارة عن تجارب واعية عاشها الشخص في الماضي. كما قدم لنا مثالا يتعلق بالنوم حاول من خلاله إثبات ثبات الهوية الشخصية، حيث ذهب إلى أنه بإمكانه أن يتصور ذاته الواعية وقد حلت في جسد آخر بعد استيقاظه من النوم، لكنه مع ذلك يظل متأكدا أنه يظل هوهو في هوية وتطابق مع نفسه. وهذا يعني أن صاحب النص يركز على الوعي كصفة جوهرية وثابتة لدى الشخص بالرغم من التغير الذي يطال حالاته الجسدية والسيكولوجية. وهو يضيف إليه – أي الوعي- عنصر الذاكرة لنكون أمام مفهومين رئيسيين اعتمدهما في تحديد هوية الشخص.

وحينما يتحدث المؤلف عن الهوية الشخصية فهو يشير إلى ما به يكون الشخص هو هو، أي ما به يكون مطابقا لذاته ومتميزا عن غيره، وقد وجد في الوعي والذاكرة عنصرين أساسيين لا يمكن تصور هوية الشخص بدونهما. وحينما نتحدث عن الوعي فإننا نشير بذلك إلى مجموعة من الأفعال العقلية والعمليات الذهنية التي تصدر عن الفرد، بحيث تكون مختلفة عن تلك التي تصدر عن أشخاص آخرين، كما أنها تميز ذلك الفرد البشري عن باقي الكائنات والأشياء التي لا وعي لها. أما الذاكرة فيمكن القول بأنها هي الأخرى تميز الشخص ككائن بشري، وتجعله ينجز الأفعال في الحاضر والمستقبل انطلاقا مما خبره في الماضي، بخلاف الحيوانات مثلا التي تصدر الأفعال عنها بشكل فوري وتلقائي صادر عن ميكانيزمات غريزية يغيب فيها الفكر والوعي من جهة، وتغيب فيها الذاكرة والاستفادة من خبرة الماضي من جهة أخرى.

وقد ربط المؤلف بين الوعي والذاكرة، فتحدث عن تجارب واعية حصلت له في الماضي، وهو ما يعني أن الوعي هو جزء أساسي من ذاكرة الإنسان وأن هذا الأخير يمتلك ذاكرة واعية بإمكانه استعادتها في أية لحظة لتوظيفها في إنجاز أفعال جديدة في إطار من الترابط والوحدة التي تميز هوية الكائن البشري.

ونجد صاحب النص يشير إلى أن الفيلسوف التجريبي جون لوك هو الآخر ادعى أن ما يشكل هوية الشخص هو الوعي، وأنه كان يقصد بذلك الذاكرة. من هنا نجد صاحبنا يؤول قول لوك ” إن الوعي يؤدي وظيفة جوهرية في تصورنا للهوية الشخصية ” بأن ما كان يقصده بذلك هو الذاكرة. ولعل تأويل صاحب النص هذا لما قاله لوك يدل على التداخل الكبير الموجود بين مفهومي الوعي والذاكرة؛ إذ يستحيل فيما أعتقد وجود ذاكرة لشخص ما غير مصحوبة بمجموع الأفعال الواعية التي صدرت عنه في الماضي؛ فالفكر والحالة هاته هو الذي يصنع الذاكرة ويجعل الحديث عنها ممكنا.

ويختم صاحبنا نصه بالتأكيد على أن استمرارية الذاكرة هو الأساس الذي تنبني عليه الهوية الشخصية؛ إذ يبدو أن شخصا بدون ذاكرة هو حتما لا يمتلك هوية تميزه عن غيره من الأشخاص، فما الشخص في آخر المطاف سوى مجموع أفعاله التي راكمها في الماضي انطلاقا من ذاته المفكرة والواعية.

لكن هل يمكن اختزال الشخص في مستوى الفكر الواعي؟ وهل يكفي الحديث عن الوعي والذاكرة كمحددين وحيدين للهوية الشخصية؟ وهل يمكن القول مع صاحب النص بوحدة الشخص وثبات هويته بالرغم من تعدد التجارب التي تصدر عنه؟

هنا نجد أنفسنا بصدد مناقشة أطروحة صاحب النص بتبيان مدى تماسكها داخليا أولا، ثم بمقارنتها بأطروحات فلسفية مؤيدة ومعارضة ثانيا. الواقع أن حديث مؤلف النص عن استمرارية بين الحالات الواعية التي تصدر عن الشخص في الماضي من جهة، وعن إمكانية تذكرها في أية لحظة من جهة أخرى، هو حديث قابل للاعتراض عليه من عدة أوجه لعل أهمها هو أن الذاكرة تتعرض للتلف إما بسب النسيان أو المرض أو الشيخوخة أو غير ذلك، مما يحول بيننا وبين تذكر أحداث الماضي. كما أن افتراض صاحب النص أنه بعد استيقاظه من النوم قد وجد نفسه في جسد آخر، ومع ذلك ظل هو نفس الشخص، هو افتراض من قبيل التخمين ما دام أن هذه الحالة لم تقع فعليا لأي إنسان، وبالتالي لا يمكن أن نبني عليها القول بثبات هوية الشخص. ثم حينما يجعل صاحب النص الوعي أساس ثبات هوية الشخص، ألا يمكن القول أن هذا الوعي يتجزأ إلى أفعال متعددة تقع في أزمنة وأمكنة مختلفة وتكون في الكثير من الحالات متناقضة فيما بينها، بحيث يصح أن نقول أنها لا تصدر عن نفس الشخص ولا تجعله أبدا في هوية وتطابق مع ذاته، وأن مثل هذا التطابق هو من قبيل الوهم والخيال.

إن مثل هذه الاعتراضات تقودنا إلى تقديم مجموعة من المواقف الفلسفية التي تعرض لنا وجهات نظر مخالفة لتك التي وردت في النص. لكن قبل ذلك نعرض أولا لبعض المواقف التي تتقاطع مع ما جاء في النص، ولعل أبرزها موقفي ديكارت وجون لوك.

فبالنسبة لأب الفلسفة الحديثة، نجده ينطلق من الشك في كل شيء ليتأكد له بعد ذلك أنه لا يمكنه الشك في هذا الشك ذاته. وحيث أن الشك عملية ذهنية تصدر عن العقل والفكر، فقد تبين له أنه ذات مفكرة؛ أي ذات تشك وتتصور وتتخيل وتثبت وتنفي وتحس أيضا، وأن كل هذه الأفعال هي من صميم هويته الشخصية. هكذا اعتبر ديكارت أن الفكر هو الخاصية الثابتة التي تميز الشخص، وتجعله واحدا ومطابقا لذاته بالرغم من الصفات المتغيرة التي تميز جسده وحالاته السكولوجية. هكذا، وانطلاقا من فعل الشك، صاغ ديكارت الكوجيطو “أنا أفكر إذن انا موجود”، ليخلص أنه موجود مادام يفكر، وإذا انقطع عن التفكير انقطع عن الوجود. كما بين ديكارت أنه في هذه الحالة يكون موجودا حتى في افتراض أن لا بدن له، وهذا يعني أن أساس الهوية الشخصية عنده هو الوعي والفكر، وهنا نجده يلتقي مع صاحب النص الذي يؤكد هو الآخر، كما بينا سابقا، بان الوعي عنصر جوهري في تصورنا للهوية الشخصية.

وفي نفس السياق نجد الفيلسوف الإنجليزي ذا النزعة التجريبية جون لوك، يؤكد شأنه شأن صاحب النص على الوعي والذاكرة كمحددين رئيسيين لهوية الشخص؛ فهو يعتبر أن الشخص كائن واع ومفكر، يتأمل ذاته ويدرك أنها مطابقة لنفسها في كل لحظة تمارس فيها التفكير والتعقل. ويربط لوك بين الفكر والإحساس، انسجاما مع نزعته التجريبية، ليستنتج خلافا لديكارت بأن الفكر لا يتم بمعزل عن الحواس. ومن جهة أخرى يِؤكد على دور الذاكرة في تحديد هوية الشخص، ويعتبر أنه كلما امتد الشعور في الذاكرة إلا واتسعت هوية الشخص ونمت.

هكذا نجد أن المواقف السابقة تلتقي في التأكيد على الوعي والذاكرة كعنصرين أساسيين في تحديد هوية الشخص، وتميل جميعها إلى القول بوحدة هذه الهوية وثباتها. فهل يمكن تقديم مواقف فلسفية تقول بخلاف ذلك أو على الأقل تضيف بعض العناصر الجديدة التي لا يمكن الحديث عن الهوية الشخصية بدونها.

يمكن ان نورد هنا موقف شوبنهاور الذي يرى، خلافا للفلسفات التي تحدد هوية الشخص انطلاقا من الوعي والذاكرة، بأن هوية الشخص تتحدد بالإرادة التي تظل ثابتة فينا حتى عندما ننسى ونتغير كلية. فالإرادة تمثل أساس هوية الشخص ونواة وجوده، وهي التي تمثل ذاتنا الحقيقية والمحركة لوعينا وذاتنا العارفة. وينتقد شوبنهاور موقف لوك وصاحب النص في قولهما بالذاكرة كمحدد لهوية الشخص، لأن أحداث الماضي يعتريها النسيان، والذاكرة معرضة للتلف بسبب الشيخوخة والمرض.

كما يمكن أن نسوق هنا موقف فرويد الذي يقول بفرضية اللاوعي، ويجعلها المفسر الأساسي لأفعال الإنسان وأفكاره. وبالتالي فهو يرفض مقولة الوعي الواردة في النص، مادام أن الفرد لا يعي دائما الأفعال والمواقف التي تصدر عنه، كما ان أحداث الذاكرة معظمها يختزن في منطقة اللاوعي التي تمثل حقيقة الشخص. كما يعتبر فرويد أن الوعي هو مجرد جزء ضئيل من “هوية الشخص” ، وأن الجزء الأعظم يحتله اللاوعي، كما أشار إلى الطابع الديناميكي والمتحرك للجهاز النفسي للإنسان الذي يتصارع فيه الهو والأنا الأعلى، ويتدخل الأنا لمحاولة التوفيق بينهما، مما يعني الحديث عن الطابع المتغير والمتعدد والحركي لهوية الفرد البشري بخلاف المواقف الفلسفية التي تقول بوحدة الهوية الشخصية وثباتها، ومن بينها موقف صاحب النص طبعا.

ويمكن ان نسوق في الأخير موقف كانط الذي يضيف بعض العناصر المحددة لهوية الشخص، والتي لم ترد في النص، ومن أهمها الكرامة والحرية والبعد الأخلاقي. هكذا يرى كانط أن ما يميز الشخص عن باقي الكائنات والأشياء هو امتلاكه للكرامة التي لا تقدر بثمن، والتي لا يمكن تصور أية هوية للشخص بدونها. كما أن الشخص في جوهره ذات أخلاقية تشرع لنفسها قوانين وتلتزم بها، وهو ما يجعلها ذات حرة ومسؤولة عن ذاتها وعن الآخرين.

وعلى ذكر الآخرين، فقد اعتبر غوسدورف أن هوية الشخص لا تتحقق إلا من خلال مشاركته للغير وأشكال انفتاحه عليه، وهذا بخلاف ديكارت الذي حدد هوية الشخص في عزلة تامة عن الغير.
وإذا كان ديكارت ومعه صاحب النص يقولان بثبات الهوية الشخصية، فإننا نجد فيلسوفا معاصرا كسارتر يؤكد أن الشخص هو مشروع مستقبلي، يعمل على تجاوز ذاته باستمرار من خلال اختياره لأفعاله بكل إرادة وحرية ومسؤولية. كما يؤكد سارتر على ان وجود الإنسان سابق على ماهيته، مما يعني أنه لا توجد هوية ثابتة للإنسان وأنه يصنع نفسه بنفسه وبشكل دائم.

هكذا نخلص في الأخير إلى أن الهوية الشخصية تتأرجح بين الوعي واللاوعي، بين الثبات والتغير، وأنه يصعب تحديدها انطلاقا من هذا العنصر أو ذاك إذ يبدو انه تتداخل في تحديدها عدة عناصر ومكونات.
فهل تعدد هذه المكونات يدفعنا إلى التخلي النهائي عن الحديث عن وجود هوية للشخص؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://psychos.net
 
تحليل نص فلسفي ورد في الامتحان الوطني سنة 2008
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الامتحان الوطني الموحد للبكالوريا 2008
» تحليل ومناقشة نص فلسفي
» نموذج تحليل نص فلسفي
» تحليل ومناقشة نص فلسفي، محور وجود الغير
» حقيبة الامتحان الوطني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المعرفة للجميع :: الفلسفة والإنسانيات :: فضاء الفلسفة بالثانوي :: تلاميذ مبدعون-
انتقل الى: