المعرفة للجميع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المعرفة للجميع

زاد المعرفة ونبراس يضيء كل الدروب المظلمة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الصراع بين الموضوعية والذاتية - بمنهجية فلسفية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
واحد من الناس
Admin
واحد من الناس


المساهمات : 494
تاريخ التسجيل : 28/10/2011
العمر : 41

الصراع بين الموضوعية والذاتية - بمنهجية فلسفية Empty
مُساهمةموضوع: الصراع بين الموضوعية والذاتية - بمنهجية فلسفية   الصراع بين الموضوعية والذاتية - بمنهجية فلسفية Emptyالجمعة نوفمبر 16, 2012 4:38 pm

الصراع بين الموضوعية والذاتية - بمنهجية فلسفية

( هل يمكن أن يكون هناك موضوعية خارج الذات وما تأثيرها على الذاتية وكيف؟ )

الموضوعية والذاتية هي من المواضيع الفلسفية التي جهد فكر الإنسان فيها منذ أن عرف معنى الهوية والقانون والقيم الأخلاقية والقيم الدينية كنتيجة لتفاعله مع المحيط الخارجي .

الموضوعية مصطلح مركب ككثير من المصطلحات السائدة في عصرنا والموضوعية التي يمكن أن يتصورها العقل تحتوي عدة مصطلحات تتعلق بالأمانة العلمية والدقة والمصداقية وعدم الانحياز ، والكاتب أو المفكر أو الموضوعي هو الذي يذكر الحقائق وحدها بعيدا عن الأكاذيب والشائعات ، والباحث الموضوعي هو الباحث الذي تتسم أبحاثه بالدقة والأمانة البحثية ولا يلجأ إلى تغليب نظرته أو رؤاه الشخصية على تلك الأبحاث ، ولا يعبث بمدخلات بحثه للوصول لنتائج مرغوبة ومعدة سلفاً.

إن مقاربة السؤال-قيد الدراسة والتحليل-تستدعي منا من الناحية الإجرائية القيام بتفكيك البنيات المكونة له فقد جاء السؤال عن طريق أداة السؤال هل"وهي أداة غالبا ما تقرن بين قضيتين اثنتين,تكون إحداهما ظاهرة من منطوق السؤال والثانية مضمرة, فالسؤال الذي بين أيدينا يوحي بأنه بالإمكان أن يكون هناك موضوعية خارج الذات ،لكن القضية التي لم يعلن عنها السؤال بشكل صريح هي أنه لا يمكن أن يكون هناك موضوعية خارج الذات وخاصة في تناول القضايا والظواهر الاجتماعية، ومن ثم تطرق لأثر القضية الأولى ( الموضوعية ) على القضية الثانية ( الذاتية ) وكيفية حدوث الأثر.

تُعبِّر الموضوعية عن إدراك الأشياء على ما هي عليه دون أن يشوبها أهواء أو مصالح أو تحيزات، أي تستند الأحكام إلى النظر إلى الحقائق على أساس العقل، وبعبارة أخرى تعني الموضوعية الإيمان بأن لموضوعات المعرفة وجودًا ماديًا خارجيًا في الواقع، وأن الذهن يستطيع أن يصل إلى إدراك الحقيقة الواقعية القائمة بذاتها (مستقلة عن النفس المدركة) إدراكًا كاملاً. وعلى الجانب الآخر، كلمة الذاتيّ تعني الفردي، أي ما يخص شخصًا واحدًا، فإن وُصِف شخص بأن تفكيره ذاتي فهذا يعني أنه اعتاد أن يجعل أحكامه مبنية على شعوره وذوقه، ويُطلق لفظ ذاتيّ توسُّعًا على ما كان مصدره الفكر وليس الواقع.


الموضوعية هي المعرفة المتعلقة بالمظهر الخارجي للوجود من قبل الذات، تدرك عن طريق الحواس وتخضع للتجربة وهي مستقلة عن إرادة أو معرفة أو ميول الإنسان لها. أي تشبه القوانين الفيزيائية المرتبطة بطبيعة المادة في الكون فلا تتأثر بمعرفة أو عدم معرفة الإنسان لها .

أن الموضوعية دائما تهدف للوصول إلى الحالة المثالية المطلقة وتدافع عن هذه الفكرة لأنها الحجر الأساسي في بنائها الفكري. عن طريق الحفاظ على مبادئها الرئيسية يمكن أن تصل إلى أهدافها وهي وحدة الوجود و النظام .

توصف الموضوعية الأشياء على ماهيتها، دون تأثرها بأي من المصالح او رغبات الفرد نفسه، فمقياس الحقائق عندها هي مقولات العقل. لذلك الموضوعية تؤمن بحقائق قائمة خارج الواقع المادي الملموس لها،مثل الله والسماء والأخلاق والعدالة والحق والخير والشر والجمال والإنسانية.


الذاتية هي المعرفة المتعلقة بجوهر الذات المعطاة للخارج عن طريق الهوية ا الموضوعية والذاتية هي من المواضيع الفلسفية التي جهد فكر الإنسان فيها منذ أن عرف معنى الهوية والقانون والقيم الأخلاقية والقيم الدينية كنتيجة لتفاعله مع المحيط الخارجي . والشخصية، التي تستقي أوصافها من تأثير الشعور أو التفكير عن طريق العقل الذي له السيادة الحرة التامة بدون أي تقيد.

أما مواقف الذاتية لأنها مبني على المعرفة الفردية الخاضعة للغريزة والشعور الفردي وذوقه، بالتالي تنكر كل شيء خارج العالم الواقعي ولا تؤمن بأي شيء غير ضروري لها من ناحية عالم المادي.

فالذاتية ترى أن مسطرة الخير والشر والمعرفة بصورة شاملة هي نسبية متغيرة حسب الإدراك والخيارات المختارة من قبل الذات. لذلك لا تؤمن بوجود المطلق، والمصطلح الموضوعي مجرد هي مواقف واعتبارات شخصية ذاتية لا أكثر.

------------------------------------------------
( كيف يحدث التفاعل بين الذات والعالم الخارجي؟ )

لعله من المفيد أن نذكر أن فلسفة كانت في نظرية المعرفة قد غيرت مسار الفكر الإنساني كله، لا بل كانت فلسفته هي النافذة الصغيرة التي وسعها الفلاسفة والعلماء من بعده لرؤية العالم اللامتناهي المعقد حولنا لفترة قرنين. مثل كارل كيركجارد (الفلسفة الوجودية) واوغست كونت (الفلسفة الوضعية) و فيورباخ ( الفلسفة المادية) كذلك كان له اثر على الفلاسفة الاخرين مثل شلينج، وغوته وهيجل وحتى علماء الطبيعة مثل اينشتاين في النظرية النسبية.

الموضوع: هو الشيء الموجود في العالم الخارجي، وكل ما يُدرَك بالحس ويخضع للتجربة، وله إطار خارجي، ويُوجد مستقلاً عن الإرادة والوعي الإنساني،
وينسب الذاتي إلى الذات، بمعنى أن ذات الشيء هو جوهره وهويته وشخصيته، وتعبر عما به من شعور وتفكير، والعقل أو الفاعل الإنساني هو المفكر وصاحب الإرادة الحرة، ويُدرِك العالم الخارجي من خلال مقولات العقل الإنساني.
كيف يحدث التفاعل بين الذات والعالم الخارجي ؟
يحسن بنا أولاً الإشارة إلى أن التفاعل بين الذات والعالم الخارجي يكون الصورة الذهنية عن المواضيع المحسوسة بما يجعل الفرد يدرك المحيط حوله حسب شعوره ونظرته له بناء على المعلومات أو البيانات الواردة عن المواضيع والتي يختلف إدراكها من شخص لآخر.
والإدراك محصلة لتفاعل وتكامل العوامل الذاتية مع العوامل الموضوعية فمن جهة يتكامل العقل مع التجربة الحسية كما قال كانطو من جهة أخرى يتكامل الشعور مع بنية الأشياء ، فقد ركز عمانوئيل كانت بفلسفته على أن الإنسان يستطيع إدراك ظواهر الأشياء، لكنه يعجز تماماً عن إدراك جواهرها، مكوناً المعرفة الذاتية وهي ما يستطيع الإنسان أن يدركه في ذاته، فالإدراك عملية معقدة ينقل الإنسان من المحسوس إلى المجرد فالمحصلة فهم وتفسير وتأويل الموضوع ، إذن الإدراك محصلة للتفاعل وتكامل العوامل الذاتية مع العوامل الموضوعية بما يتوافق مع إدراك الفرد وخصوصية تفكيره ، ما يكون نظرة الفرد للموضوع ورسوخها في ذهنه ، ومن هنا تمحورت ثنائيته في: "الشيء في ذاته" من ناحية، وعقل الإنسان الذي يؤلف ظاهرياً حقائق تلك الأشياء من ناحية أخرى.
لأن الفكر لا يستطيع أن يصل إلى جوهر الأشياء، بل يتكون فقط من ظواهر الأشياء التي يؤلفها العقل ضمن تفكيرنا العلمي،وقد أشار إلى "أن ما ندعوه بالمواضيع الخارجية ليست أي شيء سوى تصورات حواسنا"، أما العقل فهو الذي يقوم بتركيب وتأليف هذه الظواهر الخارجية من صور ومقولات وحسب.
بمعنى آخر أن المعرفة وفق المفهوم الكانتي ترتكز على الحدس الحسي، أي على الأشياء التي تخضع إلى الشروط الذاتية للنفس الإنسانية التي هي عبارة عن تأليف الذهن تجاه ظواهر الأشياء دون ذاتها، فالإنسان لا يمكنه أن يسبر غور الأشياء المستقلة عنه، وعليه فإن جميع الظواهر ليست موجودة في ذاتها بل إن العقل أو الذهن البشري هو الذي يؤلف شكلها، وبالتالي يكون حكمه نابعاً من تصوره لتلك المواضيع الآتية من خارج الذات.
بمعنى أن حكم الإنسان على أي موضوع ناتج عن رؤية شخصية تؤثر على حكمه عليه وبالتالي يكون لكل شخص نظرة خاصة وتحليل عقلي مختلف لنفس الموضوع ناتج عن عملية الفهم الذاتي له.
بداية علينا ان نعرف ماهيّة الذات العاقلة وغير العاقلة؟
ما هي صفات أو ماهيّة الذات العاقلة التي تميزها عن الذات غير العاقلة؟
النطق وعدم النطق بمعنى قابلية جمع الكبريات والصغريات والاستنتاج منها.
هذه الذات تعرف نفسَها والعالمَ من حولها من خلال العقل، أو العقلانيّة المتموضعة كأسمى شكلٍ من العمل الذهني، والشّكل الموضوعي الوحيد.
و حسب رأي كانط أن هذه الذات تكون الصور الخاصة بها معتبراً أنها تتركب على صورة البني الذهنية للذات العارفة، ومن خلالها، وبشكل محدد بها تماما، متأثرة بالعوامل الخارجية ومواضيع الطبيعة حولها وتفاعلها معها والتجربة والممارسة التي تكون معرفتها الخاصة وحكمها العلمي الخاص للموضوع الذي تسقطه على ما يستجد عليها من أمور في حياتها الخاصة.
فعند دراسة العقل البشري سنرى أن التكوين البيولوجي و الفضاء الفكري لهذا العقل غير محايد في استقبال الادراكات الحسية من العالم الخارجي كما ذهب إلى ذلك كانط حين أكد أن" الإنسان لا يعلم عن العالم الخارجي إلا ما يأتيه عن طريق الحواس ,وأن العقل ليس مجرد صفحة بيضاء عاجزة عن العمل وضحية للحواس ,ولكنه وكيل ايجابي يقوم باختيار وإعادة بناء التجربة عندما تصل إليه , وأن "المعرفة إدراك حسي تحوله المقولات إلى حكم أو فكرة"

يعتبر كانت أن عملية الإدراك مسألة غاية في التركيب، فبين المنبه المادي والاستجابة الحسية والعقلية يوجد عقل مبدع ينظم وهو يتلقى ، ليكون الفكر الخاص ويربط بين القوانين الطبيعية ليصل للعلاقات الكونية والفكرية الناتجة عن علاقة تلك القوانين والمدركات الحسية بذات الشخص و يعتبر ذلك عملية بالغة التركيب، فالحقائق الإنسانية لا يمكن فهمها إلا من خلال دراسة الفاعل وعالمه الداخليّ والمعنى الذي يسقطه عليه.
فكانط يرى أن حواس الإنسان وتفاعله الشخصي مع المعطيات والمواضيع المطروحة هي الأساس في تكوين الفكر وإدراك المعنى والوصول للمعرفة وتعميم الفكرة التي توصلت إليها الذات عبر إدراكها لتلك المعطيات وربطها ببعضها أو بغيرها من الظواهر وهو بذلك يشير لأن العلم مخرج لتفسير الذات للمعرفة المواصلة عبر الحواس لذات الإنسان.

اعتبر كانت أن التفاعل الموجود بين الذات والعالم الخارجي هو مصدر لتكوين أي موضوع. الذي هو محصور ضمن نطاق المعرفة المستقاة من الإشارات المنقولة بين الحواس و الموجودات في العالم في صيغة أحاسيس. فتراكم المعلومات الحسية لدى العقل تؤدي إلى تكوين صورة أو هوية (فكرة) لهذه المعلومات، ثم يقوم الذهن بعملية غربلة وتنظيم هذه المعلومات في نظام معين كي تصبح فيما بعد مقولات داخل عقل الذات وغير خاضعة للإحساس الخارجي، ثابتة ومستقرة وكأنها الميزان المعتمد لتعير المواضيع.حيث تصبح فيما بعد النظام الداخلي الخاص الموجود في عقل الإنسان الذي يصدر الأحكام على المعلومات (الأحاسيس) الجديدة الآتية لتلك الذات من الخارج.

وكأنه كانت يقول أن الذات العاقلة عندما تولد طبيعيا في هذا العالم لا تمتلك المقولات العقلية كما قال أرسطو من قبله بألفين سنة (العقل لوحة بيضاء) ، لكنها من خلال التفاعل مع العالم الخارجي و الطبيعة، من خلال التجربة وتراكم المعلومات الحسية تصل إلى معرفة واكتشاف القوانين الطبيعة وتبني لذاتها (المقولات العقلية) التي من خلالها كما قلنا تحكم على كل الإدراكات الجديدة المرافقة لعملية الحياة.





--------------------------------------------------
( فهل تتطلب الموضوعية الذاتية؟ )
نحن نرى حيث أن نمط المعرفة الذي تُنتجه الذات العاقلة الموضوعية هو "علم" وبإمكانه تقديم حقائق كونيّة عن العالم، بغضّ النّظر عن الوضع الفردي للعارف وبما أن المعرفة الناجمة عن العلم هي "حقيقة" أبديّة. إذن المعرفة/الحقيقة التي يُنتجها العلمُ (من طرف الذات العاقلة الموضوعية العارفة) ستقودُ دومًا باتّجاه التقدّم والكمال. لذا فإن الذات العاقلة إذا تخلت عن ذاتيتها وتناولت الأمور بالتجربة الموضوعية غير المتحيزة فإنها ستنتج علماً يستفاد منه ويمكن تطبيقه على عموم الذوات العاقلة.
فالعلمُ محايدٌ وموضوعيٌّ، و العُلماء، وخاصة هؤلاء الذين يُنتجون معرفة علميّة من خلال قُدراتهم العقليّة غير المتحيّزة، فإنهم يخضعون تجاربهم ودراساتهم للموضوعية التي تستحق التعميم والتطبيق.
*يرى كانط أن كل النتائج الموضوعية تكتشفها الذات وهي نتاج لفكرها مؤكداً أنهما كل لا ينفصل فالموضوعية لابد أن تمر بتحليل الذات ورؤيتها ومن ثم تطرح الذات هذه الرؤيا كحقائق موضوعية يقبلها العقل فلا موضوعية بلا ذاتية لديه.
-------------------------------------------------
( هل الذاتية مركب للموضوعية ولماذا ؟ )

لهذا كانط لا يؤمن بوجود الموضوعية ومقولاتها خارج الذات العارفة لأنه لا يمكن معرفة أي شيء بدون الحواس حيث أنها البوابات الوحيدة لنقل المعرفة على شكل إشارات أو أحاسيس إلى داخل الذات.

فأذن الذات مكتشفة أو خالقة للمقولات الموضوعية لهذا أن الموضوعية والذاتية غير منفصلتان بل هما في وحدة مركبة واحدة بدون تناقض.

الأمر الأخر الذي يشدد عليه كانت في هذا الموضوع هو أن تصور الذات للموضوع يكون مبني على طبيعة الذاتية أي الذات العارفة لهذا صورتها وتفسيرها تعتمد على إمكانيات الذهنية لنفسها، لان الذات لا تمتلك أي إدراك سوى الأحاسيس التي تكون بحالة كثرة وعشوائية ، ينظمها العقل فيما بعد حسب جدول (الكانتي) المعرفة فيقوم الذهن بربطها معا لتكون المركب الجديد من الموجودات الذي يطلق عليه اسم موضوع جديد (شيء جديد).

ترتبط إشكالية الموضوعية والذاتية في تغلب الذاتية على الموضوعية نتيجة الرغبات والغايات الإنسانية التي ترافق بحث الإنسان للوصول للمعرفة.
وحيث أن أي معرفة تقودها ذات إنسانية لا تخلو من من تلك الغايات الخاصة فإننا نرى أن أن المعرفة يمكن أن تكون موضوعية إذا أدركت التأثيرات الذاتية وتم فصلها عند عملية البحث عن الحقيقة وتم النظر بحياد نحو العوامل التي تؤثر أثناء البحث ، فالموضوعية لا تنتج بعيداً عن الذاتية أو خارجة عنها ولكن تحتاج من الباحث إدراك أن الموضوعية تدور في إطار السببية، وتنقل مركز الإدراك من العقل الإنساني إلى الشيء نفسه، وبالتالي لا تعترف بالخصوصية، ومنها الخصوصية الإنسانية، فهي تركز على العام والمشترك بين الإنسان والطبيعة، وتعتبر المعرفة نتاج تراكم للمعلومات.
يرى كانط- أن تفاعل "الذات" مع الحس يؤدي إلى حصول "الموضوع"، الذي هو محصور ضمن نطاق المحسوسات بشكل محض ومحدد، حيث يؤدي توجه الإدراكات الحسية نحوها-المحسوسات-إلى تكون الفهم والمفهومات، ليقوم الذهن، هنا، بعملية توحيد العمليات الحسية في تجربة نسقيه من خلال استعمال المقولات التي تنظم التجربة في أطر وصور عقلية، حيث تكون هذه المقولات جزءا من بنية الذات العارفة، وهي غير مرتبطة بأي حالة حسية، بل يمكن القول أنها حالة باطنية في الذات، وموجودة قَبلياً بها.
من هنا، يكون تصور الذات العارفة للموضوع قائماً على أساس صورتها وبناها الذاتية، فتقوم بتشكيل الموضوع على نفس صورتها الذاتية، حيث تقوم بإلباسها على الموضوع. لهذا، لايمكن لهذه الذات أن تقوم بإدراك سوى الموضوعات الحسية، التي تكون في وضع كثرة، ليقوم الفهم بوضع وحدة مركبة لها في إطار يضعه الذهن لها، حيث لا يعتبر كانط أن هذه الوحدة (للموضوع) موجودة في حال استقلال عن وجود الذات العارفة التي هي خالقة هذا التركيب المتصوَر للأشياء لإنتاج الموضوع الجديد.
ورغم اتفاقي مع كانط في هذا التفسير أن تصور الذات للموضوع يكون مبني على طبيعة الذاتية ، وحيث أن الموضوعية تقتضي عدم تدخّل الذات في موضوعها عليه أرى عدم الاعتراف والاعتماد على تلك التفسيرات وتعميمها إلا بعد إخضاعها للفحص وإعادة بناء تلك التصورات حسب المواضيع المطروحة وذلك لضمان الحيادية والصدق والموضوعية في ذلك التصور قبل تعميمه، متفقة مع ماكس فيبر حين أكد أن علماء الاجتماع يمكن أن يكونوا موضوعيين إذا جعلوا اعتقاداتهم الذاتية لا تتدخل في تحليل بحوثهم. لأن المعرفة الموضوعية يجب أن تكون بناء على نظرة العقل الخالص بعيداً عن المؤثرات الشخصية الذاتية.
رأينا أن هناك مصدرين للمعرفة البشرية في رأي كانط ألا وهما الحساسية والفهم ؛ والمصدر الأول هو الذي يمدنا بالموضوعات، في حين أن المصدر الثاني هو الذي يسمح لنا بتعقل تلك الموضوعات، وحيث أن الحساسية ليست بالضرورة مدركة لكل المعارف وأن فهمنا لا يمكن أن يرتقي لكل الأمور وعليه فإننا نعتبر المعرفة غير محدودة ولا تتوقف وتتطلب البحث والتجريب للوصول للحقائق التي تفسر المواضيع وبالتالي تكون المعرفة.
وإذا اعتبرنا السؤال "كيف يكون الإبداع في ضل محدودية المعرفة؟" سؤالاً مستقلاً فإن الإبداع هو النظر للأمور الطبيعية والعادية بطريقة غير طبيعية وغير عادية للوصول لأفكار غير عادية تؤدي إلى نتائج غير متوقعه لها مميزات جديدة وفوائد أكبر من المتوقع، والإبداع سمة لدى أشخاص لا يرضون بأقل من القمة في ظروف يراها غيرهم عادية وإمكانيات أقل من عادية ولكن يمكن الخروج عن المعتاد للوصول للإبداع وذلك بوضع المعارف نصب العين والبحث في جزئياتها للوصول لنتائج جديدة وربما نظريات ومعارف جديدة وإثباتها وتعميمها، والإنسان يتعرف كل يوم على حقائق ولكنها نسبية ، جزئية عن الواقع
يرى الفيلسوف عمانوئيل كانت أنَّ الزمان والمكان محلهما العقل وليس الوجود الموضوعي، وهما أعراض، والأعراض كلها لا واقع لها خارج الذات العارفة، وهي تتلاشى بتوقف الإحساس، فمحلها العقل فقط، ولا يمكننا معرفة العلاقة الحقيقية بين الموجودات أبدًا.
فالزمان والمكان لا ينفصلان عن المادة، المكان ذو أبعاد متعددة أما الزمان فليس له إلا بعداً واحداً، ويعبر المكان عن توزيع الأشياء الموجودة وجودا تلقائيا، على حين ان الزمان يعبر عن تتابع وجود الظواهر حيث تحل واحدة محل الأخرى. والزمان لا يرتد، بمعنى أن كل عملية مادية لا تتطور إلا في اتجاه واحد من الماضي إلى المستقبل، وقد نسف تطور العلم الفكرة الميتافيزيقية القائلة بان الزمان والمكان يوجدان بشكل مستقل عن العمليات المادية وبانفصال كل واحد عن الأخر، ولا تنطلق المادية الجدلية من الارتباط البسيط بين الزمان والمكان مع المادة في الحركة. بل من واقعة أن الحركة هي ماهية الزمان والمكان. وان المادة والحركة والزمان والمكان بالتالي لا تنفصل. وقد تأكدت هذه الفكرة في الفيزياء الحديثة.
وحسب كانط فإن العقل يستخدم عاملين مهمين في ترتيب الخام الحسي القادم من الخارج عن طريق الحواس وهما الزمن والمكان.
و عملية تنظيم العقل للمعلومات تتطلب وضع إستراتيجية وهنا العقل يضع ابسط طريقة وهي أسبقية وصول الإحساس والمكان الذي أتى منه والمرسل وغيرها من الأوصاف.
لذلك نرى أن كانط ينكر وجود فكرة زمن ومكان خارج العقل ، بل إنهما وسيلتين للإدراك الحسي وضعهما العقل كي يستطيع القيام بواجبه. وأصبحا أمران مسلمان بهما عن طريق الاستدلال العقلي.
ولكن ذلك لا يعني عدم الاستشعار بالمستقبل وتجاوز الزمان والمكان فهناك علماء تجاوزوا حدود الزمان والمكان،فعن طريق التخطيط للمستقبل تتفتح لهم الأفق وقد تظهر لهم رؤى ومعارف جديدة تنطلق لأبعد مما هم فيه من زمان ومكان، فبعض العلماء يتجاوزون لدرجة أنهم يصلون إلى علوم لا يغترف بها ولا تطبق إلا بعد مدة غير قصيرة ، وربما يستفاد منها في مكان غير المكان الذي اكتشفت فيه.
قام كانط بتفكيك معرفي لكافة الأدلة المستخدمة من أجل إثبات وجود الله، نافياً صلاحيتها وجدواها في إنتاج أي فعل معرفي حقيقي لهذا الموضوع. فهو يعتبر أن المتافيزيقا قد تكونت نتيجة للطبيعة القادرة على التركيب الموجودة في البنية الذهنية البشرية، مما يجعلها قادرة على تصور وبناء حالات ما وراء حسية (على مثال أو بالتضاد مع بُناها الحسية) بدون أن يعني هذا أنها موجودة فعلاً في الواقع: فهي يمكن أن تبني الميتافيزيقا، ولكن بدون أن تستطيع إثباتها معرفياً.
والملفت للنظر، أن توحيد كانط للوجود الحسي في "وحدة وجود" شاملة لبعديه (الذات والموضوع) ضمن إطار مركب عضوي يعبر عنه فعل "الإدراك الواعي الترانسندنتالي" قد جعله يرفض نظرية ديكارت(1596-1650) في (الامتداد) التي يعبر عنها مبدأ الكوجيتو(الأنا أفكر)، وهذا شيء لا يشمل فقط امتدادات الذات المعرفية نحو الماوراء الحسي وإنما أيضاً يضع موضع الشك المعرفي استقلالية وجود الموضوع الحسي عن وجود الذات العارفة، حيث نلمس عند كانط استحالة نشوء أي خارجية للموضوع عن الذات، حيث يعتبرهما في حالة تلازم نسقي ثابت وواحد.
وقد أدى رفض الوجود الموضوعي المستقل عن الذات هذا، بكانط إلى رفض كل نزعة تاريخية، وهذا أمر طبيعي، فالتاريخ هو ميدان تفاعل الذات مع الموضوع، سواء أكان طبيعياً أو ما ورائياً أو اجتماعياً، كما أنه هو الإطار الذي تتحقق وتتموضع فيه الذات العارفة، كما أدى ذلك بكانط إلى رفض إمكانية الوصول إلى أي تركيب يمكن أن يعبر عنه "المطلق" أو الله، أو أي هدفية تاريخية يكون هدفها إنشاء وحدة تتجاوز ثنائية الوجود المتمثلة في تناقض المادة والفكر. صحيح أن كانط قد أنشأ وحدة لهما، في إطار شبيه بـبيركلي (1685-1753)، إلا أنه قد حطم كل تركيبة معرفية أو هدفية، وساهم في وضع الأساس الفلسفي للنزعة الوضعية التي ترفض أي تصور تركيبي للوجود، مقتصرة على التصوير الوصفي للأجزاء، من منطلق أنها تعبير عن حالات منعزلة لا رابط بينها، وأن الوجود لا يقوم على أي رابط موحد لأجزائه،الشيء الذي دفع بالفلسفة الوضعية مع أوغست كونت (1798-1857) إلى نزعة تجزيئية لا تقتصر فقط على الوصف الظاهري للشيء ورفض أي تعمق في كنهه، وإنما إلى اعتباره شيئاً جامداً قائماً في ذاته، وبالتالي إلى نفي الحاجة لدراسة روابطه وحركيته اللتين يكون التاريخ ميدانهما.
فالتناقض الذي أقامه كانط بين "الظاهرة" و"الجوهر" لم يدفعه فقط إلى رفض إمكانية كل دراسة لجوهر الشيء أو الظاهرة، وبالتالي لتأكيد الوصف المعرفي ضد التأمل الميتافيزيقي، وإنما أيضاً إلى وضع "نظرية المعرفة"، التي اعتبرها كانط كالميدان الرئيسي للبحث الفلسفي، في حالة تناقض مع البحث التاريخي.
لذلك لم يكن التحطيم الكانطي للميتافيزيقا نقضاً لنزعة تركيبية ماورائية لصالح نزعة تركيبية حسية، وإنما من أجل تثبيت تصور تجزيئي نسبوي للوجود، يرفض تحديد أي غاية له، ولا يعتبر الحركة أداة للوصول إليها من خلال التاريخ، وإنما يعتبر أن الذات الفردية العارفة هي التي تعطي أثناء فعل المعرفة الذاتي الوحدة والمعنى للموضوع، وبدونها لا يكون الموضوع شيئاً. وبالتالي، فما دامت الذوات الفردية محكومة بالتنوع، ومادامت الأشياء لا تملك وحدة خارجية بمعزل عن هذه الذوات التي هي بدورها غير موحدة أيضاً، لذلك فالوجود الإنساني محكوم بالكثرة المتناقضة والمتنوعة، ولا يملك أي هدف أو وحدة مركبة لأجزائه الفردية أو الشيئية.
وقد أسس كانط للنزعة اللاإرادية التي ترفض إثبات أو نفي أي شيء، نافية أي غاية أو هدف عام، ومعتبرة الوجود ليس سوى التجربة من قبل الذات، فأصبحت فلسفة الحياة: التي اعتبرت الوجود هو التجربة المعاشة نافية أي هدفيه موضوعية أو جمعية أو كونية، وأرى أنه يمكن إسقاط رؤية كانط على النظرة الشخصية لكل فرد تجاه نفس الموضوع وتفسيره بما يتلاءم مع ذاته وتجربته الشخصية فالمعرفة الحقيقية لديه هي التي تنطلق من الذات وهي التي تفسر الوجود وموجوداته ولذلك يمكن أن تختلف الحقيقة باختلاف الناس وأشكال تفكيرهم وحياتهم والعمليات التي تحكمها
الظاهرة الطبيعية والظاهرة الإنسانية:
قبل الاتفاق أو الاختلاف مع رأي كانط يجب الإشارة إلى بعض الإشكاليات المرتبطة بالعلوم الإنسانية، وسنحاول الاهتداء بالتساؤلات التالية: هل الظاهرة الإنسانية قابلة للدراسة العلمية الموضوعية؟ ما هي قدرة العلوم الإنسانية على فهم وتفسير الظواهر الإنسانية؟ هل يجب أن تؤسس العلوم الإنسانية نفسها ضرورة على نموذج العلوم الطبيعية؟
أن إشكالية موضعية الظاهرة الإنسانية جد معقدة نظرا لطبيعة العلاقة التي تربط الذات بالموضوع. فالذات التي تجرب على نفسها وعلى الغير تتغير نتيجة لما لاحظته، وما قامت بتجربته، كما تعمل على التأثير فيما تدرسه وتغير من مجراه ومن طبيعته. وهذا نموذج من الإشكاليات لا تعرفه العلوم الطبيعية، ففي هذه العلوم يستطيع العالم أن يميز نفسه عن الظاهرة المدروسة. أما في العلوم الإنسانية فإن إشكالية العلمية تظل قائمة لاعتبارين هما:
•عدم الوضوح الكافي للحدود الفاصلة بين الذات والموضوع.
•اعتقاد العالم بأنه يملك قبليات معرفية تجعله قادرا على الاستغناء عن التقنيات العلمية.

---------------------------------------------------
( هل المعرفة محدودة ولماذا وكيف يكون الإبداع في ضل محدودية المعرفة ؟ )

فالمعرفة عند كانت محددة بما يستطيع العقل التحسس به وفهمه وحسب التفسيرات التي يستطيع الوصول إليها ، أما الذهن وقابلية التخيل، والفهم فهي إمكانيات تتوارثها الذات عبر الخلايا الجينية، ويطلق عليها الإدراك الوقتي أو المرحلي . بعبارة أخرى هي أدوات العقل لتفسخ وتفكيك الوجود من خلال تأثير المنبهات على الحواس. هذه الأدوات تجعل من الذات أن تركب صور أو تتخيل صور خيالية غير واقعة في عالم الطبيعة التي منها نشأ علم الميتافيزيقية.
---------------------------------------------------
( ماذا عن العلماء الذين تجاوز الزمان المكان ؟ )

من هنا نستنج أن الزمن والمكان هما الحجر الأساسي الذي بلغه من المفيد أن نذكر أن فلسفة كانت في نظرية المعرفة قد غيرت مسار الفكر الإنساني كله، لا بل كانت فلسفته هي النافذة الصغيرة التي وسعها الفلاسفة والعلماء من بعده لرؤية العالم اللامتناهي المعقد حولنا لفترة قرنين. مثل كارل كيركجارد (الفلسفة الوجودية) واوغست كونت (الفلسفة الوضعية) و فيورباخ ( الفلسفة المادية) كذلك كان له اثر على الفلاسفة الآخرين مثل شلينج، وغوته وهيجل وحتى علماء الطبيعة مثل اينشتاين في النظرية النسبية.

اعتبر كانت أن التفاعل الموجود بين الذات والعالم الخارجي هو مصدر لتكوين اي موضوع. الذي هو محصور ضمن نطاق المعرفة المستقاة من الإشارات المنقولة بين الحواس و الموجودات في العالم في صيغة أحاسيس. فتراكم المعلومات الحسية لدى العقل تؤدي إلى تكوين صورة أو هوية (فكرة) لهذه المعلومات، ثم يقوم الذهن بعملية غربلة وتنظيم هذه المعلومات في نظام معين كي تصبح فيما بعد مقولات داخل عقل الذات وغير خاضعة للإحساس الخارجي، ثابتة ومستقرة وكأنها الميزان المعتمد لتعير المواضيع.حيث تصبح فيما بعد النظام الداخلي الخاص الموجود في عقل الإنسان الذي يصدر الأحكام على المعلومات (الأحاسيس) الجديدة الآتية لتلك الذات من الخارج.

وكأنه كانت يقول أن الذات العاقلة عندما تولد طبيعيا في هذا العالم لا تمتلك المقولات العقلية كما قال أرسطو من قبله بالفين سنة (العقل لوحة بيضاء) ، لكنها من خلال التفاعل مع العالم الخارجي و الطبيعة، من خلال التجربة وتراكم المعلومات الحسية تصل إلى معرفة واكتشاف القوانين الطبيعة وتبني لذاتها (المقولات العقلية) التي من خلالها كما قلنا تحكم على كل الادراكات الجديدة المرافقة لعملية الحياة.

لهذا كانت لا يؤمن بوجود الموضوعية ومقولاتها خارج الذات العارفة لأنه لا يمكن معرفة أي شيء بدون الحواس حيث أنها البوابات الوحيدة لنقل المعرفة على شكل أشارات أو أحاسيس إلى داخل الذات.

فأذن الذات مكتشفة أو خالقة للمقولات الموضوعية لهذا أن الموضوعية والذاتية غير منفصلتان بل هما في وحدة مركبة واحدة بدون تناقض.

الأمر الأخر الذي يشدد عليه كانت في هذا الموضوع هو أن تصور الذات للموضوع يكون مبني على طبيعة الذاتية أي الذات العارفة لهذا صورتها وتفسيرها تعتمد على إمكانيات الذهنية لنفسها، لان الذات لا تمتلك أي إدراك سوى الأحاسيس التي تكون بحالة كثرة وعشوائية ، ينظمها العقل فيما بعد حسب جدول (الكانتي) المعرفة فيقوم الذهن بربطها معا لتكون المركب الجديد من الموجودات الذي يطلق عليه اسم موضوع جديد (شيء جديد).

فالمعرفة عند كانت محددة بما يستطيع العقل التحسس به وفهمه وحسب التفسيرات التي يستطيع الوصول إليها ، أما الذهن وقابلية التخيل، والفهم فهي إمكانيات تتوارثها الذات عبر الخلايا الجينية، ويطلق عليها الإدراك الوقتي أو المرحلي . بعبارة أخرى هي أدوات العقل لتفسخ وتفكيك الوجود من خلال تأثير المنبهات على الحواس. هذه الأدوات تجعل من الذات ان تركب صور أو تتخيل صور خيالية غير واقعة في عالم الطبيعة التي منها نشأ علم الميتافيزيقية.

من هنا نستنج أن الزمن والمكان هما الحجر الأساسي الذي بني عليه كانت نظريته للمعرفة . وبما أن علم الميتافيزيقية الذي أسسه أفلاطون من خلال نظريته في المثل، هو خارج عالم هذه الطبيعة (الزمان والمكان) لذلك عملية إثبات أو نفي وجودها شيء مستحيل الأمر الذي يستنتج منه أن كانت ألغى الموضوعية كحقل مستقل عن الذات المفكرة أو العارفة من خلال الشك الذي وضعه حول وجودها.

هذا يؤدي إلى رفض أي هدف للتاريخ مولود من تفاعل الذات مع الوجود الخارجي . وبتالي استحالة وصول العقل إلى تركيب صورة عن الموضوع المطلق أي الله، أو إلغاء الثنائية الموجودة بين المادة والفكر التي وضعها ديكارت.

لذلك يعتبر كانت الجد الحقيقي لمعظم الفلسفات الحديثة مثل الوضعية والوجودية والمادية.

----------------------------------------------------
إن تحطيم الذي جلبه كانط إلى الميتافيزيقية لم يتوقف عند تصلب الذاتية بل أدى إلى عكس اتجاه المعرفة من التركيب الموضوعي إلى التجزئة والتفكيك الجزئي (ما المقصود؟)

إما كيف ولدت فكرة عالم الميتافيزيقية لدى الإنسان؟ (مرة أخرى ولتوضيح أكثر نقول)، يفسر كانت موضوع ولادة الأفكار الميتافيزيقية على أنها آتية من قابلية و قدرة ملكات العقل ( الذهن، والفهم، والتخيل) إلى وضع تراكيب وصور غير حقيقية التي تعطي أفكار أو صور لعالم أخر خارج عالمنا والتي لا يمكن إثباتها أو نفيها ، بسبب عدم وجود إمكانية إجراء التجربة عليها . تكون النتيجة المنطقية لها، انه مشكوك في أمر وجودها على الرغم من شعورنا بضرورة وجود مثل هذا العالم من ناحية الأخلاقية.



إن تحطيم الذي جلبه كانت العلة من المفيد أن نذكر أن فلسفة كانت في نظرية المعرفة قد غيرت مسار الفكر الإنساني كله، لا بل كانت فلسفته هي النافذة الصغيرة التي وسعها الفلاسفة والعلماء من بعده لرؤية العالم اللامتناهي المعقد حولنا لفترة قرنين. مثل كارل كيركجارد (الفلسفة الوجودية) واوغست كونت (الفلسفة الوضعية) و فيورباخ ( الفلسفة المادية) كذلك كان له اثر على الفلاسفة الآخرين مثل شلينج، وغوته وهيجل وحتى علماء الطبيعة مثل اينشتاين في النظرية النسبية.

اعتبر كانت أن التفاعل الموجود بين الذات والعالم الخارجي هو مصدر لتكوين أي موضوع. الذي هو محصور ضمن نطاق المعرفة المستقاة من الإشارات المنقولة بين الحواس و الموجودات في العالم في صيغة أحاسيس. فتراكم المعلومات الحسية لدى العقل تؤدي إلى تكوين صورة أو هوية (فكرة) لهذه المعلومات، ثم يقوم الذهن بعملية غربلة وتنظيم هذه المعلومات في نظام معين كي تصبح فيما بعد مقولات داخل عقل الذات وغير خاضعة للإحساس الخارجي، ثابتة ومستقرة وكأنها الميزان المعتمد لتعير المواضيع.حيث تصبح فيما بعد النظام الداخلي الخاص الموجود في عقل الإنسان الذي يصدر الأحكام على المعلومات (الأحاسيس) الجديدة الآتية لتلك الذات من الخارج.

وكأنه كانت يقول أن الذات العاقلة عندما تولد طبيعيا في هذا العالم لا تمتلك المقولات العقلية كما قال أرسطو من قبله بألفين سنة (العقل لوحة بيضاء) ، لكنها من خلال التفاعل مع العالم الخارجي و الطبيعة، من خلال التجربة وتراكم المعلومات الحسية تصل إلى معرفة واكتشاف القوانين الطبيعة وتبني لذاتها (المقولات العقلية) التي من خلالها كما قلنا تحكم على كل الادراكات الجديدة المرافقة لعملية الحياة.

لهذا كانت لا يؤمن بوجود الموضوعية ومقولاتها خارج الذات العارفة لأنه لا يمكن معرفة أي شيء بدون الحواس حيث أنها البوابات الوحيدة لنقل المعرفة على شكل إشارات أو أحاسيس إلى داخل الذات.

فأذن الذات مكتشفة أو خالقة للمقولات الموضوعية لهذا ان الموضوعية والذاتية غير منفصلتان بل هما في وحدة مركبة واحدة بدون تناقض.

الأمر الأخر الذي يشدد عليه كانت في هذا الموضوع هو أن تصور الذات للموضوع يكون مبني على طبيعة الذاتية أي الذات العارفة لهذا صورتها وتفسيرها تعتمد على إمكانيات الذهنية لنفسها، لان الذات لا تمتلك أي إدراك سوى الأحاسيس التي تكون بحالة كثرة وعشوائية ، ينظمها العقل فيما بعد حسب جدول (الكانتي) المعرفة فيقوم الذهن بربطها معا لتكون المركب الجديد من الموجودات الذي يطلق عليه اسم موضوع جديد (شيء جديد).

فالمعرفة عند كانت محددة بما يستطيع العقل التحسس به وفهمه وحسب التفسيرات التي يستطيع الوصول إليها ، أما الذهن وقابلية التخيل، والفهم فهي إمكانيات تتوارثها الذات عبر الخلايا الجينية، ويطلق عليها الإدراك الوقتي أو المرحلي . بعبارة أخرى هي أدوات العقل لتفسخ وتفكيك الوجود من خلال تأثير المنبهات على الحواس. هذه الأدوات تجعل من الذات ان تركب صور أو تتخيل صور خيالية غير واقعة في عالم الطبيعة التي منها نشأ علم الميتافيزيقية.

من هنا نستنج أن الزمن والمكان هما الحجر الأساسي الذي بني عليه كانت نظريته للمعرفة . وبما أن علم الميتافيزيقية الذي أسسه أفلاطون من خلال نظريته في المثل، هو خارج عالم هذه الطبيعة (الزمان والمكان) لذلك عملية إثبات أو نفي وجودها شيء مستحيل الأمر الذي يستنتج منه أن كانت ألغى الموضوعية كحقل مستقل عن الذات المفكرة أو العارفة من خلال الشك الذي وضعه حول وجودها.

----------------------------------------------------
النتيجة الغريبة التي أوصلتنا إليها الفلسفة الكانطية هي عدم وجود هدف أو غاية للحياة . فقط الذات تستطيع فهم وتقيم وإعطاء معنى للوجود والموجودات فيه ولهذا يوجد هذا التنوع والتناقض والاختلاف الكبير بين أشكال الحياة وعملياتها . ( ما رأيك ؟)

هذا يؤدي إلى رفض أي هدف للتاريخ مولود من تفاعل الذات مع الوجود الخارجي . وبتالي استحالة وصول العقل إلى تركيب صورة عن الموضوع المطلق أي الله، أو الفاء الثنائية الموجودة بين المادة والفكر التي وضعها ديكارت.

لذلك يعتبر كانت الجد الحقيقي لمعظم الفلسفات الحديثة مثل الوضعية والوجودية والمادية.
إما كيف ولدت فكرة عالم الميتافيزيقية لدى الإنسان؟ (مرة أخرى ولتوضيح أكثر نقول)، يفسر كانت موضوع ولادة الأفكار الميتافيزيقية على أنها آتية من قابلية و قدرة ملكات العقل ( الذهن، والفهم، والتخيل) إلى وضع تراكيب وصور غير حقيقية التي تعطي أفكار أو صور لعالم أخر خارج عالمنا والتي لا يمكن إثباتها أو نفيها ، بسبب عدم وجود إمكانية إجراء التجربة عليها . تكون النتيجة المنطقية لها، انه مشكوك في أمر وجودها على الرغم من شعورنا بضرورة وجود مثل هذا العالم من ناحية الأخلاقية.

إن تحطيم الذي جلبه كانت إلى الميتافيزيقية لم يتوقف عند تصلب الذاتية بل أدى إلى عكس اتجاه المعرفة من التركيب الموضوعي إلى التجزئة والتفكيك الجزئي.

النتيجة الغريبة التي أوصلتنا إليها الفلسفة الكانتية هي عدم وجود هدف أو غاية للحياة . فقط الذات تستطيع فهم وتقيم وإعطاء معنى للوجود و الموجودات فيه ولهذا يوجد هذا التنوع والتناقض والاختلاف الكبير بين أشكال الحياة وعملياتها الميتافيزيقية لم يتوقف عند تصلب الذاتية بل أدى إلى عكس اتجاه المعرفة من التركيب الموضوعي إلى التجزئة والتفكيك الجزئي. التي عليه كانت نظريته للمعرفة . وبما أن علم الميتافيزيقية الذي أسسه أفلاطون من خلال نظريته في المثل، هو خارج عالم هذه الطبيعة (الزمان والمكان) لذلك عملية إثبات أو نفي وجودها شيء مستحيل الأمر الذي يستنتج منه أن كانت ألغى الموضوعية كحقل مستقل عن الذات المفكرة أو العارفة من خلال الشك الذي وضعه حول وجودها.

هذا يؤدي إلى رفض أي هدف للتاريخ مولود من تفاعل الذات مع الوجود الخارجي . وبتالي استحالة وصول العقل إلى تركيب صورة عن الموضوع المطلق أي الله، أو إلغاء الثنائية الموجودة بين المادة والفكر التي وضعها ديكارت.
لذلك يعتبر كانت الجد الحقيقي لمعظم الفلسفات الحديثة مثل الوضعية والوجودية والمادية.

أما كيف ولدت فكرة عالم الميتافيزيقية لدى الإنسان؟ (مرة أخرى ولتوضيح أكثر نقول)، يفسر كانت موضوع ولادة الأفكار الميتافيزيقية على أنها آتية من قابلية و قدرة ملكات العقل ( الذهن، والفهم، والتخيل) إلى وضع تراكيب وصور غير حقيقية التي تعطي أفكار او صور لعالم أخر خارج عالمنا والتي لا يمكن إثباتها أو نفيها ، بسبب عدم وجود إمكانية إجراء التجربة عليها . تكون النتيجة المنطقية لها، انه مشكوك في أمر وجودها على الرغم من شعورنا بضرورة وجود مثل هذا العالم من ناحية الأخلاقية.


---------------------------------------------
إن تحطيم الذي جلبه كانت إلى الميتافيزيقية لم يتوقف عند تصلب الذاتية بل أدى إلى عكس اتجاه المعرفة من التركيب الموضوعي إلى التجزئة والتفكيك الجزئي ( ما المقصود ؟ )

أن تحطيم الذي جلبه كانت إلى الميتافيزيقية لم يتوقف عند تصلب الذاتية بل أدى إلى عكس اتجاه المعرفة من التركيب الموضوعي إلى التجزئة والتفكيك الجزئي.

أمام الصراع الذي نشأ بين مؤيدي مدرسة الموضوعية ( مذاهب الفلسفية القديمة والحديثة ،علماء الإصلاح الاجتماعي والأديان وعلماء الأخلاق) ومؤيدي مدرسة الذاتية المعارضة لها ( الوجوديين الملحدين واللادينيين واللاادريين ) .
أمام إصرار مؤيدي المدرسة الذاتية في نكران وجود للمبادئ وقيم الموضوعية ، وجود وليام دلتاي( 1833 – 1911) .

من الضرورة وضع دراسة لظاهرتين مختلفتين معا هما الظاهرة الطبيعية والظاهرة الإنسانية. فحاول دراسة النصوص الدينية محاولا وضع تأويل وتفسير رمزي لها كي يغيرها من المعنى الحرفي إلى المعنى الرمزي المجازي، أي إيجاد الغرض الأصلي الذي يربط بين الأهداف والمعاني الحقيقية الكامنة في رغبة الإنسان من وضع مثل هذه النصوص.

كثرت الفرضيات في هذا المجال ( الظاهرة الإنسانية) ولكن في النهاية توصلت إلى نتيجة حتمية وهي لابد من وجود معنى واحد محدد صحيح غير قابل للشك كنتيجة نهائية لكل هذه الفرضيات إذا كان هناك موضوعية حقيقة من قبل كل الباحثين.

---------------------------------------------
ومن ثم الاستخلاص إلى نتيجة أخرى مهمة هي أن أسلوب السببية الموجود في تفسير فوانين الطبيعة هو نفسه موجود وبدقته في الظاهرة الإنسانية . ( ما مدى اتفاقك مع هذه المقولة ؟ )

ومن ثم الاستخلاص إلى نتيجة أخرى مهمة هي أن أسلوب السببية الموجود في تفسير قوانين الطبيعة هو نفسه موجود وبدقته في الظاهرة الإنسانية.


---------------------------------------------------
من هذا الموقف اتضحت مواقف المدرسة الموضوعية من كثير قضايا المهمة مثل عملية الإدراك ومفهوم الواقع وتأثير الطبيعة على عقل الإنسان .. (هل يمكن ذلك وكيف ؟)

من هذا الموقف اتضحت مواقف المدرسة الموضوعية من كثير قضايا المهمة مثل عملية الإدراك ومفهوم الواقع وتأثير الطبيعة على عقل الإنسان.

هل الأفضلية في الإدراك تعود إلى عوامل ذاتية :
يذهب بعض العلماء وخاصة علماء النفس التقليدي إلى أن العوامل الذاتية مثلا لاستعدادات العقلية هي التي تمكن من الإدراك , فالإنسان عندما يكون مرتاحا تكون لديه قدرة على الانتباه والتركيز أفضل مما يكون في حالة قلق , كما يدرك الفرد بسهولة الأشياء التي تتفق مع ميوله ورغبات.
وهذا الموقف نجده عند الذهنيين أمثال " ديكارت " : " الإدراك حكم عقلي " وعند التجريبيين أمثال " جورج بركلي " : " إدراك المسافات حكم يستند إلى التجربة " . كما يقف " بيرلو " من خلال تجاربه على أطفال عرب ( إدراك الأشياء من اليمين إلى اليسار) وغير العرب ( إدراك الأشياء من اليسار إلى اليمين ) أن الإدراك راجع إلى دور العادة .
لكن العوامل الذاتية وحدها غير كافية , وإلا تمكن الجميع من الإدراك لأن قدرة العقل مشتركة كما أن القدرات العقلية أحيانا لا يمكنها تجاوز العوائق الخارجية .
هل الأهمية في الإدراك تعود إلى العوامل الموضوعية :
يذهب البعض الآخر من العلماء وخاصة علماء النفس الحديث إلى أن الإدراك يعود إلى الموضوع الخارجي , لا إلى الاستعدادات العقلية فالشكل الخارجي للموضوع وبناؤه العام هو الذي يحدد درجة الإدراك وهذا الرأي نجده عند علماء الجشطالط كوهلر , بوهلر و فرتيمر الذين ركزوا على الصفة الكلية للموضوع واعتبروها أساس الإدراك فالجزء لا يكتسب معناه إلا داخل الكل الذي ينتظم وفق قوانين يسميها الجشطالط قوانين الانتظام و هي تتحكم في العلاقة بين الصورة والخلفية , فعندما تكون هذه العلاقة منتظمة تبرز الصورة الفضلى أي الصيغة البارزة . أما إرادة الإنسان فلا تتدخل إلا في حالة وجود صورتين فضليين مثلا في الشكل : وجهان متقابلان أو مزهرية .
لكن العوامل الموضوعية وحدها غير كافية هي الأخرى و إلا تساوى الإدراك عند جميع المدركين لأن الموضوع واحد , كما أن لكل إنسان اهتمامه فلا يعود للصورة الفضلى الأفضلية في الإدراك عند الجميع .
إذن فالإدراك يكون بتضافر العوامل الذاتية مع العوامل الموضوعية :
إن العلاقة بين العوامل الذاتية والعوامل الموضوعية يبدو على أنها علاقة تنافر باعتبار أن الأولى داخلية وتتعلق بخصائص شخصية الفرد و أحواله الذاتية . والثانية خارجية وتتعلق بالمحيط الذي يوجد فيه الشخص , والواقع أن هذه العلاقة هي علاقة تجاور لأننا من الناحية العملية لا نستطيع أننفصل بين ما هو داخلي وما هو خارجي فالفرد يدرك بالاعتماد عليهما معا .
إن حصول عملية الإدراك عند الإنسان لا يمكن ردها إلى العوامل الذاتية وحدها فقط وإنما الإدراك عملية تتم عن طريق التكامل والتعاون بين العوامل الذاتية والعوامل الموضوعية، أي الوصول للحقيقة والنموذج المثالي الذي نعير أو نقيس به المحسوسات أو المعقولات بهدف إصدار حكم معياري-قيمي عليها حسب مدى مشاركتها فيه أو اقترابها منه (إذ كلما كانت مقتربة منه كان حكمنا عليها إيجابيا وكلما كانت مبتعدة عنه كان حكمنا عليها سلبيا) .

ففي شرح ميكانيكية عمل عقل الإنسان في الطبيعة التي تجعل من الباحث يؤمن بأن تأثير قوانين الجارية على الطبيعية يجري بنفس الدرجة على عقل الإنسان. لهذا ما ينتج منها هو حقيقة موضوعية غير قابلة للشك و نفس الحال للحقائق المرتبطة بمفهوم الواقعية وكذلك عملية الإدراك التي تحدث بصورة تلقائية من جراء عمل عقل الإنسان.

----------
الخلاصة

إن دراسة الظاهرة الإنسانية ومقارنتها مع الظاهرة الطبيعية أعطت برهان مهم لمدرسة الموضوعيين ، بما أن تأثير القوانين في الطبيعة هي حقائق موضوعية غير خاضعة لمقدرة الذات ورغباتها أو وارداتها وبما أن هذه القوانين لها نفس التأثير على عمل العقل لأنه جزء منها ، إذن الأفكار ومقولات العقلية هي حقائق ثابتة وصادقة وغير مشكوك فيها.


1- لدى كل إنسان إمكانية التفلسف (البحث عن الحكمة) من خلال عملية التفكير والتعليل المقرونة في حياته،لكن تختلف درجات الفلسفة حسب عمق ودرجة التعقيد أو إدراك التي يصلها الناس. لذلك حتى الإنسان العادي لأنه يفكر لذلك فهو فيلسوف بدرجة ما .

2- وضع عمانوئيل كانت نظريته في المعرفة في كتابه (نقد العقل الخالص سنة 1781).

3- قال الفيلسوف الإغريقي اكسونوفان :إذا كان للثيران والحصن أيدي لرسموا إلهتهم على إشكالهم .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://psychos.net
 
الصراع بين الموضوعية والذاتية - بمنهجية فلسفية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قولات فلسفية
» كتاب الإيديولوجيا - دفاتر فلسفية
» نموذج من كتابة فلسفية خاصة بالنص الفلسفي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المعرفة للجميع :: الفلسفة والإنسانيات :: فضاء الفلسفة بالثانوي :: مقالات فكرية-
انتقل الى: