- تعاريف السياسة.
• السياسة هي فن ممارسة السلطة والقيادة والحكم، وأوجه العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
• السياسة هي النشاط الاجتماعي الذي ينظم الحياة العامة، ويضمن الأمن ويقيم التوازن (من خلال القوة الشرعية والسيادة) بين الأفراد والجماعات المتنافسة والمتصارعة.
• السياسة هي النشاط الاجتماعي المدعوم بالقوة المستندة إلى مفهوم ما للحق وللعدالة لضمان الأمن الخارجي والسلم الاجتماعي الداخلي للوحدة السياسية ولضبط الصراعات وتعدد المصالح حتى باللجوء إلى العنف.
• هي الجهد لإقامة النظام والعدل وتغليب الصالح العام والمصلحة الاجتماعية المشتركة في وجه اللوبيات.
• تدبير شؤون الناس وتملك أمورهم والرياسة عليهم، ونفاذ الأمر فيهم.
• هي فن حكم البشر عن طريق خداعهم (تعريف نقدي)
• تنظيم الجماهير المستعدة للتضحية في سبيل المثل. (نابليون)
• أرسطو: السياسة هي علم السيادة وسيدة العلوم. فهي سيدة كممارسة لأنها تٌعنى بالمسائل الحيوية في المجتمع (الأولويات الاجتماعية، كيفية توزيع الموارد والثورة، تحديد حقوق المواطن وواجباته، وجهة الثقافة وقضايا السلم والحرب...) وهي سيدة العلوم كدراسة وأفكار بتوضيح مفاهيم (العدل، الحق، الحرية...) وتحديد الغايات والوسائل والخيارات...
1- الــــــــــــدولة
تــقديــــم:
الدولة هي تنظيم سياسي قانوني لجماعة من الناس يسكنون أرضا بصفة دائمة ويخضعون لسلطة سياسية. وهي أيضا مجموع الأجهزة والمؤسسات التي تسهر على تدبير شؤون المجتمع. وهي من جهة وسيلة للهيمنة ومن جهة أخرى مؤسسة لضمان النظام المجتمعي، فهي إذن جهاز قمع ومؤسسة لحماية الحقوق والحريات والأمن العام، إنها تحمل في ذاتها هذه المفارقة، مفارقة تتولد عنها التساؤلات التالية:
ما الدولة؟ ومن أين تستمد مشروعيتها؟ وما الغاية من وجودها؟ ما طبيعة السلطة السياسية؟ هل تنحصر فقط في أجهزة الدولة القائمة، أم أن السلطة هي استراتيجيات منتشرة في المجتمع ككل؟ هل تمارس الدولة سلطتها بالقوة أم بالقانون، بالحق أم بالعنف؟ وكيف للدولة أن توفق بين استعمال العنف والحق لتكون دولة الحق والقانون؟
المحور 1: مشروعية الدولة وغاياتها
إشكال المحور: من أين تستمد الدولة مشروعيتها؟ وما الغايات التي وجدت من أجلها؟
1- فلاسفة العقد الاجتماعي: تستمد الدولة مشروعيتها من الالتزام بمبادئ التعاقد المبرم بين الحاكم والمحكومين ومن احترام الغايات التي جاءت من أجلها.
تقوم هذه النظرية على التعاقد الاجتماعي الذي بموجبه يتنازل أفراد المجتمع عن حقوقهم الفردية التي كانوا يتمتعون بها في حالة الطبيعة بغاية تنظيم شؤونهم العامة ووضع حد للفوضى والعنف والحرب التي كانت سائدة قبل نشأة الدولة. هكذا يتصور فلاسفة العقد الاجتماعي إطارا قانونيا مشتركا لمفهوم دولة الحق المبنية على التعاقد لا على مفهوم المقدس أو القوة والغلبة.
1-1- موقف توماس هوبز: الغاية من وجود الدولة تحقيق الأمن والسلم.
يتصور توماس هوبز حالة الطبيعة كحالة سابقة على أي اجتماع مدني بأنها حالة صراع وفوضى وتوحش وحرب دائما طرفاها الكل ضد الكل. ويرى أن الدولة نشأت نتيجة تعاقد إرادي وميثاق حر بين الأفراد لكي ينتقلوا من حالة الطبيعة إلى حالة المدنية. وبمقتضى هذا التعاقد يتنازل أفراد المجتمع عن حقوقهم الفردية التي كانوا يتمتعون بها في حالة الطبيعة بغاية تنظيم شؤونهم العامة لصالح رجل واحد أو مجلس واحد مقابل تحقيق الأمن والسلم.
1-2- موقف اسبينوزا: الغاية من قيام الدولة هي تحقيق الحرية.
يرى اسبينوزا أن الدولة قد وجدت من أجل تحرير الإنسان وحماية حقه في الحياة والعمل لا لأجل إرهابه وتخويفه. وهذا ما يستوجب تنازل الأفراد عن حرياتهم المطلقة بأن يسلكوا كما يشاؤون وأن يعملوا على تنظيم هذه الحرية تنظيما جماعيا وذلك بإسناد أمورهم إلى سلطة عليا تسهر على ضمانها وحمايتها. ويختصر اسبينوزا الغاية من وجود الدولة بقوله: “الحرية هي الغاية الحقيقية من قيام الدولة”.
2- نقد التصور التعاقدي: الدولة غاية في ذاتها وتجسيد للعقل المطلق.
2-1- موقف هيغل: الدولة تجسيد للعقل.
ينتقد هيغل التقليد الفلسفي السياسي التعاقدي الذي يعتبر أن للدولة غاية خارجية مثل السلم أو الحرية أو الملكية الخاصة. ويرى أن غاية الدولة لا تكمن في أية غاية خارجية، وإنما تتمثل في غاية باطنية: إن الدولة غاية في ذاتها من حيث إنها تمثل روح وإرادة ووعي أمة من الأمم. وتعتبر تجسيدا للعقل. فهيغل يعتقد أن الدولة هي التحقق الفعلي للفكرة الأخلاقية الموضوعية، أي لتمام واكتمال العقل أو الروح وهو قد بلغ لحظة المطلق، وهي لحظة تنتفي فيها الخلافات والنزاعات بين الأفراد، ليصيروا جميعا مندمجين في علاقات كلية وكونية، ما دام أنهم قد حققوا الغاية التي يطمح العقل أو الروح إليها.
تركيب:
جملة القول، فالدولة عبر تطورها التاريخي كانت تستمد مشروعيتها وغايتها من روح عصرها. فالدولة القديمة كانت تستمد المشروعية من سلطة خارجية هي كل ما هو مقدس وديني. في مقابل ذلك تستمد الدولة الحديثة مشروعيتها من التعاقد لتحقيق الأمن والسلم والمساواة والحرية. لكن تعد الدولة أيضا حتمية تاريخية ولحظة نهائية لتجسيد العقل الكلي المطلق الذي يسري في روح ووعي أمة من الأمم.