المحور 3: الدولة بين الحق والعنف
إشكال المحور: هل الدولة هي دولة حق وقانون أم دولة قوة وعنف؟
1- الدولة تنبني على العنف المشروع والصراع الطبقي.
1-1- موقف ماكس فيبر: الدولة لها الحق في ممارسة العنف المادي المشروع.
يعتبر ماكس فيبر أن الدولة تمتلك حق استخدام العنف الفيزيائي المشروع، مستشهدا في ذلك بتروتسكي الذي يرى أن كل دولة هي جهاز مؤسس على العنف؛ فالدولة هي الجهاز السياسي الذي يحتكر ممارسة العنف بل إنه سمتها المميزة ولا يسمح للأفراد أو الجماعات باستعماله إلا بتفويض وموافقة من الدولة.
1-2- موقف فريدريك إنجلز: الدولة وليدة الصراع بين طبقات المجتمع وهي تجسيد لهذا الصراع ذاته.( نقد هيغل: الدولة ليست واقع وصورة العقل أو الفكرة الأخلاقية)
يعتبر إنجلز، الذي ظل وفيا للتصور الماركسي للدولة، أن هذه الأخيرة هي نتاج الصراع بين طبقات المجتمع (البرجوازية والبروليتارية في عصره)، ويعتبر هذا الصراع هو المحرك الأساسي للتاريخ (ماركس). لكن الدولة في نظر إنجلز غالبا ما تصطف مع الطبقة المسيطرة والمهيمنة وتدافع عن إيديولوجيتها، بل إنها تتشكل من الطبقة الأقوى في المجتمع وتعبر عن مصالحها الاقتصادية مما يضمن لها أن تسود سياسيا.
2- الدولة تقوم على الحق والعدالة والقانون.
2-1- موقف اسبينوزا: الدولة تقوم على الحق والحرية لا الخوف والترهيب.
يرى اسبينوزا أن الدولة لا يمكنها أن تقوم على العنف والتخويف، ولا على استخدام الدهاء السياسي والحيل لاستمالة بعض الفئات ومنحهم الحوافز والامتيازات. وإنما تتمثل مهمتها في نشر الفضيلة وجعل الناس يمارسون أعمالهم عن اقتناع وطواعية ولا يتأتى ذلك بتوفير شروط من قبيل الحق والحرية والمساواة...
2-2- موقف جاكلين روس: الدولة هي دولة الحق والقانون.
على خلاف فيبر، تنفي روس أن تقوم الدولة على العنف المادي، بل تقوم على فكرة الحق، فالدولة هي دولة الحق والقانون وتقوم على ثلاثة شروط أساسية هي : الحق والقانون وفصل السلط وما يترتب عن توفر هذه الشروط هو الممارسة المعقلنة لسلطة الدولة، ممارسة قائمة على القانون واحترام الحريات وحفظ الكرامة الإنسانية، ونبذ كل أشكال القوة والعنف والتخويف والتسلط والاستبداد.
خلاصة تركيبية:
نستخلص من هذا المحور، أن الدولة يمكن أن تقوم على العنف والقوة والصراع كما كان معمولا به في تجارب سابقة، إلا أن الأكيد هو أنها لا تستمر لأن كل عنف يولد عنفا مضادا، مما يعني أن الدولة المعاصرة ينبغي أن تُحل الممارسة العقلانية في ممارستها للسلطة محل أساليب الترهيب والتخويف والتسلط، وأن ترسي دعائم الديمقراطية من خلال قيامها على العدل والمساواة واحترام الشخص الإنساني وصون كرامته وحماية حرياته وحقوقه. وقتذاك يمكن أن تستمر الدولة وتحافظ على سلطتها.