المعرفة للجميع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المعرفة للجميع

زاد المعرفة ونبراس يضيء كل الدروب المظلمة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الحرية الفردية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
واحد من الناس
Admin
واحد من الناس


المساهمات : 494
تاريخ التسجيل : 28/10/2011
العمر : 41

الحرية الفردية  Empty
مُساهمةموضوع: الحرية الفردية    الحرية الفردية  Emptyالأربعاء نوفمبر 14, 2012 5:41 pm

من أجل تطوير مستوى النقاش الدائر اليوم بين دعاة الحريات الفردية وبين الرافدين لها، والذي تم اختزاله تعسفا ضمن الصراع بين العلمانيين والإسلاميين، يستحسن الانفتاح على بعض الأطروحات الفلسفية التي تشكل الإطار النظري الموجه لهذا النقاش الساخن بهدف إخراجه من الدائرة الضيقة المفتعلة (الإسلاميون/العلمانيون) إلى الفضاء الأرحب ، الفكر الإنساني عامة والفلسفي بصفة خاصة.
مفهوم الحرية:
الحرية مفهوم فلسفي عرف دلالات مختلفة باختلاف الفلاسفة وباختلاف المصادر التي أثرت في بنائه. فهي تعني بالنسبة إلى البعض غياب القيود، وتعني القدرة على ما ينبغي فعله، وقد تعني مجرد الوعي بما يتحكم فينا من ضرورات وحتميات وأخذها بعين الاعتبار، حين القيام بسلوك معين. كما قد تعني التحرر أو الوعي بما يتحكم فينا والسعي إلى التحرر منه.

دعاة الحرية:

يقول فيلسوف الحرية جون بول سارتر : " إن تعدد العوامل المختلفة المؤثرة في الإنسان لا يمكن أن تشكل حجة ضد القول بحريته، ذلك أن الإنسان هو الذي يحدد نوعية تأثير تلك العوامل انطلاقا من الغايات والمشاريع التي يرسمها لنفسه، فالصخرة تشكل عائقا يجب إزاحته عندما تعترض طريقنا. أما إذا أردنا أن نشرف من فوقها على منظر لمشاهدته بكيفية أحسن، فستكون عندئذ عاملا مساعدا لنا. فتأثير العوامل المختلفة يتغير بتغير الغايات التي يسعى الإنسان إلى تحقيقها". وهو ما تؤكده رفيقة دربه المفكرة الفرنسية سيمون دوبوفوار بقولها:" إن ما يتميز به الإنسان هو الحرية، فشخصيته ليست شيئا محددا منذ البداية، فهو إذا لم يكن بطبيعته خيرا فهو ليس أيضا بطبيعته شريرا، إلا أن في استطاعته أن يجعل من نفسه خيرا أو شريرا تبعا لتحمله مسؤولية حريته أو تنكره لها. ذلك أن الحرية التي يتمتع بها هي التي تمكنه من أن يرسم لنفسه بكيفية أكيدة الغايات التي يسعى إلى تحقيقها. وليست هناك أية عوامل خارجية يمكنها أن تهدم ما رسمه لذاته وفعله بنفسه. فالإنسان هو وحده السيد والمتحكم في مصيره". لكن ما هو الأساس النظري الذي يستند إليه هذا التصور القائل بالحرية والرافض للإقرار بكل الحتميات أو الإكراهات التي قد تحول دون بلوغ هذه الحرية؟
يقول بيير هنري دولباخ: " إن الحق الذي تمنحنا إياه طبيعتنا البشرية حق طبيعي خالد، وتبعا لذلك فإنه لا يجوز تعديله. فكل ما يتفق مع طبيعتنا حق مشروع وعادل، وأن المجتمع لا يسعه إلا أن يكيف قوانينه وحاجاته الأساسية، وظروفه الخاصة مع طبيعتنا البشرية. فالحقوق الطبيعية هي فوق جميع الحقوق التي يبنيها البشر، فطبيعة البشر وحاجاتهم ترشدهم وتسدد خطاهم على نحو أفضل مما تفعله الحقوق القائمة على أساس المؤسسات... وإن السعي إلى أن يصبح كل حق مشروع حقا قانونيا هو الذي يوجه تطور الحقوق نحو الأفضل والأمثل."
لكن إلى أي حد يشكل حق الطبيعة أساسا للقول بمشروعية الحرية؟ وهل يكفي أن تكون للحرية المشروعية المستمدة من حق الطبيعة لتصبح هذه الحرية حقا طبيعيا يسطره القانون الوضعي؟ وهل هناك من إمكانية للحديث عن الحرية أم إن القول بها يخفي الجهل بالكثير من الأسباب؟

خصوم الحرية:
في سياق نقده للتصور القائل بالحرية والذي يعتبر الإنسان حرا في اختياراته فاعلا وفق مشيئته يقول باروخ سبينوزا " الحرية الإنسانية التي يتبجح الكل بامتلاكها تقوم فقط على واقعة مفادها أن للناس وعيا بشهواتهم، لكنهم يجهلون الأسباب التي تحددهم حتميا... والتجرية تعلمنا بما يكفي أنه إذا كان هناك شيء يعجز عنه الناس ، فهو مسألة تنظيم شهواتهم ورغم أنهم يرون أنفسهم مقسمين بين عاطفتين متعارضتين، وكثيرا ما يرون الأحسن ويقترفون الأسوأ. ومع ذلك يعتقدون بأنهم أحرار." وفي السياق ذاته يقم لوسيان جيرفينيون نقدا لدعاة الحرية بقوله " لقد اعتبرت الحرية في رأي البعض نصرا على كل الإكراهات، وتصميما على تجاوز كل العوائق التي تحول دون الإشباع اللامحدود لرغبات الذات... فكانت الحرية قبل كل شيء هي أن نفعل ما نشاء... ولكن الوعد بحرية من هذا النوع وحتى القول بإمكانية وجودها لا يمكن أن يكون إلا خداعا للناس الموعودين بها... فالحرية منظورا إليها بهذه الكيفية ليست إلا محاولة لإضفاء طابع مشروع على كل الرغبات التوسعية للذات، كما أنها لا تتقيد بأي مبدأ يضمن الاعتدال الضروري للعيش مع الجماعة. وهي كأي غريزة لا تعترف إلا بالذات، ولا تريد غير الإشباع كيفما كان الثمن. ستختلف من حيث مضمونها باختلاف رغبات الأفراد... فحرية من هذا النوع إذن، لا يمكن أن تصبح كونية عامة لدى الجميع سواء كانت على مستوى الفكر أم على مستوى السلوك، وذلك لأن الرغبات التي تحركها لا بد أن تتراجع أمام إكراهات العيش مع الجماعة".
فما هو الأساس النظري الذي تستندإليه هذه الأطروحات القائلة بأن الحرية مجرد وهم وخداع للناس؟
من بين الكم الهائل من الفلاسفة والمفكرين الذين أكدوا أن لا خيار أمام الإنسان لكي يكون إنسانا بالفعل إلا مخرجا واحدا وهو خروجه من حالة الطبيعة أو الحالة الحيوانية إلى حالة الثقافة، من إمبراطورية الأهواء والحرب والخوف والمجابهة والصراع أي "حق القوة" إلى حالة السلم والأمان أي "قوة الحق" (فلاسفة العقد الاجتماعي: هوبز-لوك-روسو) ومع اختلاف تصوراتهم بخصوص طبيعة العقد والأطراف المتعاقدة يقول جون جاك روسو " إن الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة التمدن خلف في الإنسان تغيرا جد ملحوظ، وذلك بإحلال العدالة في سيرته محل الغريزة، وإضفاء البعد الأخلاقي على أفعاله التي كانت تفتقر إليها من قبل. حينئذ فحسب قام صوت الواجب مقام الاندفاعات الجسدية، وقام الحق محل الشهوة، واضطر الإنسان الذي لم يكن يراعي من قبل إلا ذاته إلى أن يسلك وفق مبادئ أخرى، وأن يصغي إلى عقله قبل أن ينساق وراء أهوائه وميولاته... وأن يتحول من حيوان غبي ومحدود الإمكانات إلى كائن ذكي أي إلى إنسان...ويمكننا اعتمادا على ما سبق أن نضيف إلى المكاسب التي حققتها حالة التمدن، الحرية الأخلاقية التي تمكن وحدها الإنسان من أن يكون سيد نفسه بالفعل لأن دافع الشهوة وحده يمثل استعبادا في حين يمثل الامتثال للقوانين التي شرعناها حرية." هكذا يبدو بكل وضوح أن نقاش الحريات الفردية أكبر من كونه مجرد صراع بين مطالب الكونية وإكراهات الهوية، وإنما هو إشكال قديم انخرط فيه الفكر الإنساني وساهمت فيه كل المرجعيات، وقد شكل وما زال يشكل أحد الانشغالات الكبرى للفكر الفلسفي، والفلسفة بسعيها أن تجعله موضوعا للنقاش الهادئ في الفضاء العام وبلغة راقية ، فهي تروم من وراء ذلك تقديم مساهمتها في بناء موقف مؤسس على العقل وما يقتضيه من حجة وبرهان وصرامة منطقية وبعيدا عن مخاطبة الوجدان بلغة الأهواء والنزوات. ألا تجد العديد من دعاة غلاة الحرية الفردية تفسيرها في حنين الإنسان للعودة إلى حالة الطبيعة؟ ألا ينبغي أن يقدر هؤلاء ما يمكن أن يترتب عن هذا النكوص من فاتورة باهضة الثمن قد تكون الحرية ذاتها أي ما عبر عنه جون لوك بمجتمع "حق القوة" وما يفضي إليه من حالة "حرب الكل ضد الكل" أي مجتمع اللا حرية؟
نقلا عن جريدة أخبار اليوم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://psychos.net
 
الحرية الفردية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المعرفة للجميع :: الفلسفة والإنسانيات :: فضاء الفلسفة بالثانوي :: مقالات فكرية-
انتقل الى: