المعرفة للجميع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المعرفة للجميع

زاد المعرفة ونبراس يضيء كل الدروب المظلمة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المحور الأول: الشخص والهوية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
واحد من الناس
Admin
واحد من الناس


المساهمات : 494
تاريخ التسجيل : 28/10/2011
العمر : 42

المحور الأول: الشخص والهوية Empty
مُساهمةموضوع: المحور الأول: الشخص والهوية   المحور الأول: الشخص والهوية Emptyالسبت نوفمبر 05, 2011 5:45 pm

أولا: الهوية في الخطاب الفلسفي.
1- روني ديكارت (1596-1650): الأنا المفكر كحقيقة للذات
يذهب ديكارت إلى تأكيد أهمية الفكر في بناء الشخصية وفهم حقيقتها، فالفكر صفة تخص الذات الإنسانية وهي وحدها لصيقة بها. إن التفكير هو شرط الوجود.
إذن فأساس هوية الشخص هو التفكير الذي يعتبر مناسبة لحضور الذات أمام نفسها وإدراكها إدراكا مباشرا لكل ما يصدر عنها من أفعال والتي تبقى رغم تعددها واحدة وثابتة.
إن ديكارت يؤكد ذلك من خلال عبارة الكوجيتو " أنا أفكر إذن فأنا موجود "، إذ حاول اشتقاق وجود الأنا من شيء آخر أو ردها إلى شيء آخر هو الفكر، وأيا كان الأمر فجميع الأفعال التي يمكن أن تصدر عن الإنسان من تصور وتخيل وشك … هي كلها أفعال التفكير التأملي، إذن فألانا تتمتع عند ديكارت بهوية ثابتة رغم هذا التعدد.
غير أننا نعثر على ديكارت هنا يحصر مهمة الشخص فقط في بعد واحد من أبعاده الأساسية وهي التفكير، فالتفكير ممارسة تأملية تصدر عن الشخص، لكن هذه الممارسة لا تميزه بصفة مطلقة.. وهذا ما دفع كانط مثلا إلى اعتبار أن الوعي يكسب الإنسان قيمة داخل نظام الطبيعة، لكنه لا يسمو به إلى مرتبة الشخص. فالكوجيتو الديكارتي رغم أهميته يبقى في نظر كانط قاصرا في تحديد الماهية الحيقيقة للشخص بتهميشه للبعد الأخلاقي.

ملاحظة: يقصد بفكرة "الكوجيطو"(Le Cogito) حقيقة الذات كما تصورها" ديكارت" والمتمثلة في خاصية التفكير أو الوعي، وعادة ما يعبر عن الكوجيطو الديكارتي بما يلي: " من الواجب أن أشك في كل شيء و لكن الشيء الذي لا يمكنني أن أشك فيه هو أنني أشك، وبما أنني أشك فأنا أفكر، وبما أنني أفكر فأنا موجود".

2- جون لوك (1632-1704): الوعي والذاكرة كأساسين للهوية الشخصية
يعطي لوك تعريفا للشخص باعتباره ذلك الكائن الواعي المفكر، القادر على تعقل ذاته وتأملها والرجوع إليها من حيث أنها مطابقة لذاتها، وذلك عن طريق الشعور الذي يكون لديه عن أفعاله الخاصة بشكل مستمر دون أن يحدث أي تغير في جوهر الذات؛ فاقتران الشعور والفكر على نحو دائم هو ما يكسب الشخص هويته ويجعله دائما يبقى هو هو، باعتباره كائنا عاقلا يتذكر أفعاله وأفكاره التي صدرت عنه في الماضي وهو نفسه الذي يدركها في الحاضر. من هنا يتبين أن الوعي والذاكرة هما مكونان أساسيان لهوية الشخص إلا أن الوعي عند لوك يختلف عن الوعي الديكارتي فالأول يرفض الاعتقاد بوجود أفكار ومبادئ فطرية في العقل ويؤكد بأن كل أفكارنا، وبدون استثناء، مستمدة مما تتركه التجربة من آثار على العقل عبر الحواس. والعقل عنده صفحة بيضاء والحواس هي التي تمده بالمعارف والأفكار. عكس ديكارت الذي يرفض شهادة الحواس، لأن الحواس تخدعنا ويعتبر أن العقل وحده هو أصل المعرفة اليقينية.

3- آرثور شوبنهاور (1788-1860): الإرادة أساس الهوية الشخصية

يرى شوبنهاور، على خلاف ديكارت ولوك، أن أساس الهوية الشخصية ليس هو الشعور أو الفكر أو الذاكرة، وإنما هو الإرادة، هذا العنصر الذي يبقى دائما في هوية مع نفسه دون أن يشيخ أو يهرم أبدا ويظل ثابتا في الزمان. فما دام الشعور المرتبط بالذاكرة لا يمثل إلا جزءا بسيطا من وظائف الذهن البشري فإنه لا يكفي لتفسير الهوية الشخصية لأننا لا نتذكر من حياتنا الماضية إلا القدر اليسير، ولأن الكثير من أحداث الماضي يعتريها النسيان، ولأن الذاكرة البشرية معرضة للتلف إما بسبب الشيخوخة أو المرض أو بسبب الإصابة في المخ فلا يمكن أن تتوقف عليها الهوية الشخصية، بل إنها تتوقف على  الإرادة التي تظل في هوية مع نفسها وعلى الطبع الثابت الذي تمثله، إنها العنصر الوحيد الذي يلازم الشخص منذ ولادته حتى وفاته. فلسفة "شوبنهاور" تنطوي إذن على نزعة تشاؤمية قوامها الدعوة إلى نبذ الحياة. فهو يرى أن المحرك الأساسي لسلوك الإنسان – تفكيرا وممارسة – هو إرادة الحياة التي تدفع الإنسان بشكل مستمر إلى السعي وراء أهداف وغايات مختلفة يرى في تحقيقها سعادته التي سرعان ما ينكشف له طابعها الوهمي. فالتجدد المستمر للرغبة يجعل السعادة مستحيلة، والأهداف التي يتم السعي وراءها لا يمكنها تحقيق الإشباع الكامل لنشاط الإرادة اللانهائية. وبذلك تصبح الحياة مأساة و الإرادة منبعا للألم و الشقاء... أما العقل أو الوعي فليس جوهر الإنسان، كما اعتقد "ديكارت"، فهو لا يعدو أن يكون مجرد لعبة في يد هذه القوة الجبارة التي تمثلها إرادة الحياة التي تصبح بالنتيجة جوهر الوجود الإنساني و أساس الهوية الشخصية.

ثانيا: الهوية في العلوم الإنسانية
4- جول لاشوليي (1832-1918): أساس هوية الشخص الطبع والذاكرة
ينتقد لاشوليي التصورات الماهوية لهوية الشخص التي تقوم على فرضية وجود أنا حقيقي ثابت. ويؤكد أن أساس هوية الشخص أي ما يجعل الشخص نفسه في الزمان والمكان هو دوام نفس الطبع أو المزاج وترابط الذكريات، فدوام المزاج يضمن له الحفاظ على نفس ردود الفعل المشتركة مع جنسه، أما ترابط الذكريات فبه يتناغم ماضي الذات مع حاضرها. يتضح أن لاشوليي قد تجاوز مسألتين أساسيتين هما: أسبقية الماهية على الوجود، وثبات ما يحددها. فأساس هوية الشخص بالنسبة للاشوليي هو وحدته النفسية في الزمان أي عبر مراحل حياته رغم مظاهر التحول والتغير. فالهوية الشخصية حسبه تعود إلى عمل آليات نفسية (وحدة الطبع أو السمة العامة للشخصية في مواقفها وردود أفعالها اتجاه العالم والآخرين، والذاكرة التي تربط حاضر الشخص بماضيه القريب أو البعيد)

5- سيجموند فرويد (1856-1939): أساس الهوية الشخصية الوحدة الدينامية بين مكونات الجهاز النفسي.
يقدم فرويد تصورا ديناميا لأساس هوية الشخص قائما على تصور هذه الهوية كبنية نفسية مركبة تتشكل عبر التوافق الذي يقوم بين الهو (الغرائز) والأنا الأعلى (المثل الأخلاقية أو الضمير الأخلاقي) وضغوط الواقع الاجتماعي. يقول فرويد: " يصارع الأنا، وهو محاصر بين ضغط الأنا الأعلى، ومطالب الهو، وقوة الواقع، من أجل أن ينجز مهمته في إحداث نوع من التوافق والانسجام بين هذه القوى والتأثيرات المتفاعلة داخله والمؤثرة عليه من الخارج." وهكذا يصبح الأنا غريبا في بيته وخادما لثلاثة من السادة الأشداء، وهو يبذل أقصى ما في جهده لتحقيق التوازن وخلق التوافق بين هذه القوى المتعارضة. تقوم هذه الرؤية على فرضية اللاشعور التي تعتبر أنه تكمن خلف سلوكات الإنسان وأفكاره قوى باطنية لاشعورية وأن الوعي كما تصوره ديكارت ليس إلا منطقة صغيرة في حياة الشخص النفسية.

استنتاجات:

- ضرورة التمييز بين المقاربة الفلسفية (التصور الماهوي للهوية الشخصية الذي يعتبر أن الشعور أو الوعي أو الذاكرة أو الإرادة هي أبرز مقومات الشخص) والمقاربة العلمية (نقد الخطاب الفلسفي حول الهوية الشخصية)
- الاختلاف حول أساس وطبيعة الهوية الشخصية يرجع إلى المنظورات الفلسفية المختلفة (العقلانية، التجريبية، التشاؤمية، العلمية)
- يصعب وضع تعريف نهائي لمفهوم الشخص.
- الشخص مفهوم غير قابل للتحديد والتعريف والتأطير الاختزالي.
- الشخص لا يتحدد بمقوم واحد بل هو كل لا يتجزأ وكائن متعدد الأبعاد فهو عقل ووعي وشعور وإرادة وطبع وذاكرة ووحدة نفسية دينامية...وغيرها
- الهوية الشخصية تتراوح بين الثبات والتغير.


عدل سابقا من قبل واحد من الناس في الإثنين أكتوبر 20, 2014 5:54 am عدل 10 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://psychos.net
واحد من الناس
Admin
واحد من الناس


المساهمات : 494
تاريخ التسجيل : 28/10/2011
العمر : 42

المحور الأول: الشخص والهوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المحور الأول: الشخص والهوية   المحور الأول: الشخص والهوية Emptyالأحد أكتوبر 07, 2012 4:33 pm

المقاربة الأنتربولوجية للشخص:

في كتابه الأساس الثقافي للشخصية، يتحدث رالف لينتون عما يسميه الشخصية الأساسية أو القاعدية للمجتمع وهي بنية أو تشكيلة متناسقة داخليا مكونة من مجموعة من العناصر المشتركة. وتتمثل هذه العناصر في نظام القيم والمواقف المشتركة بين أعضاء المجتمع الذي يزودهم بطرائق للفهم وبقيم مشتركة تجعل استجاباتهم الوجدانية وردود أفعالهم اتجاه الأوضاع التي تهم قيمهم المشتركة موحدة؛ فالرجال والنساء بوصفهم أعضاء في المجتمع يتقاسمون نفس المواقف تجاه الحشمة النسائية والشجاعة الرجولية.
في هذه المقاربة الأنتربولوجية، يبين لينتون أن المجتمع يترك في سلوك وسيرة أفراده، بما يمارسه عليهم من تأثير وتطبيع، ترسبات تمثل قواسم مشتركة يستدمجونها في شخصيتهم وتتمظهر في ما يعتنقونه من قيم وطرق في التفكير والتعبير عن الأحاسيس وأنماط في الاستجابة والسلوك... تشكل ما يصطلح عليه الشخصية الأساسية.
إن هذه البنية الثابتة التي تشكل قاسما مشتركا بين أفراد المجتمع لا تلغي أصالة الأفراد وتنوع تركيبة المجتمع الشيء الذي يؤدي إلى تنويع أنماط الشخصية بشكل يسمح باستيعاب مختلف الوظائف والأدوار التي يقوم بها الأفراد في الحياة الاجتماعية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://psychos.net
واحد من الناس
Admin
واحد من الناس


المساهمات : 494
تاريخ التسجيل : 28/10/2011
العمر : 42

المحور الأول: الشخص والهوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المحور الأول: الشخص والهوية   المحور الأول: الشخص والهوية Emptyالأحد أكتوبر 07, 2012 5:33 pm

في الفلسفة الحديثة ستظهر الإرهاصات الأولى لفكرة الشخص في التصور الديكارتي القائم على اعتبار أن ماهية الإنسان تتمثل في "الذات المفكرة" أو ما يعبر عنه ب"الكوجيطو" (Le Cogito) . فقد كانت النتيجة الأساسية للشك المنهجي عند "ديكارت" هي التأكيد على أن التفكير هو جوهر الذات الإنسانية، لكونه يمثل الحقيقة اليقينية التي تفرض نفسها على العقل دون حاجة إلى الإستدلال. فوجود الأنا ووعيه بذاته يمثل يقينا لا يقبل الشك، أما وجود الغير فلا يعدو أن يكون وجودا جائزا محتملا أو افتراضيا يحتاج إلى استدلال العقل وحكمه، وهو ما يعني أن وعي الأنا بذاته لا يمر بالضرورة عبر الآخر أو لا يشترط وجود الغير. وهذا ما يشير إليه قول "ديكارت" التالي:
" أنظر من النافذة فأشاهد بالمصادفة رجالا يسيرون في الشارع، فلا يفوتني أن أقول عند رؤيتهم أني أرى رجالا بعينهم، مع أني لا أرى من النافذة غير قبعات ومعاطف قد تكون غطاء لآلات صناعية تحركها لوالب، لكني أحكم بأنهم ناس..إذن فأنا أدرك بمحض ما في ذهني من قوة الحكم ما كنت أحسب أني أراه بعيني "...
وهكذا يلاحظ أن النتيجة المنطقية لهذا التصور هي القول بوحدانية الذات (Le Solipsisme)، لأن كل ما أكون متيقنا منه هو أنني أنا وحدي موجود، أما وجود الغير فهو مجرد وجود افتراضي قابل للشك أو محتمل وجائز فقط ، بحيث يتوقف على إثبات العقل وليس وجودا بديهيا وضروريا كما هو الأمر بالنسبة للأنا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://psychos.net
 
المحور الأول: الشخص والهوية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المحور الأول: المعرفة التاريخية
» المحور الثاني: الشخص بوصفه قيمة
» المحور الثالث: الشخص بين الضرورة والحرية
» المفهوم الأول: الشخص
» المحور الأول: التجربة والتجريب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المعرفة للجميع :: الفلسفة والإنسانيات :: فضاء الفلسفة بالثانوي :: ملخصات الدروس-
انتقل الى: