يمكن القول إنه مع ديكارت بدأت تتبلورمعالم المفهوم الحديث للشخص. فمن أجل تأسيس العلوم على أسس متينة خاض ديكارت تجربة الشك: تجربة بدأت بالشك في المعرفة الآتية عن طريق الحس، بسبب خداع الحواس، وانتهت إلى نوع من الشك الجذري، وذلك بالشك في كل شيء. حقيقة واحدة لم يطلها الشك هي قضية: "أنا أفكر إذن أنا موجود ".فقد أتبث ديكارت إذن عن طريق الشك المنهجي أن التفكير باعتباره صفة من صفات النفس هو الشيء الذي يخص الذات و يعكس حقيقتها.
يمكن أن نستخلص أن حقيقة الإنسان كشخص، تتحدد في نظر ديكارت في طبيعة الأنا كشيء مفكر، يتميز بأفعال متعددة و مختلفة ( الشك الفهم، الإثبات، النفي، الإرادة،…الخ) و أن هذا التعدد و الاختلاف في أفعال الأنا لا ينفي وحدته.
غير أن الفيلسوف بليز باسكال أدرك أكثر من غيره من الفلاسفة الطابع الإشكالي للشخص، عندما تساءل حول ما الذي نحبه في شخص ما؟ ففي نظر باسكال عندما نقول إننا نحب شخصا ما, فإننا لا نحب صفاته، لا الجسدية و لا النفسية ، لأن الإنسان يمكن أن يفقد هذه الصفات دون أن يفقد ذاته، فالصفات عموما لا تعكس حقيقة الأنا كشخص. وباسكال هنا يفترض أن هناك ما يمثل حقيقة الأنا كشخص، أي هناك شيء ثابت ومستمر في الإنسان رغم تغير صفاته، هو الذي يمثل هويته الشخصية . من هنا يمكن أن نستخلص من نص باسكال الإشكال التالي:
ما الشخص؟ كيف تحدد حقيقة الأنا كشخص؟ هل تعبر الصفات الجسدية و النفسية عن حقيقة الشخص،وعن هويته؟ ما الذي يكون الهوية الشخصية؟