المعرفة للجميع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المعرفة للجميع

زاد المعرفة ونبراس يضيء كل الدروب المظلمة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قواعد المنهج عند ديكارت

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
واحد من الناس
Admin
واحد من الناس


المساهمات : 494
تاريخ التسجيل : 28/10/2011
العمر : 42

قواعد المنهج عند ديكارت  Empty
مُساهمةموضوع: قواعد المنهج عند ديكارت    قواعد المنهج عند ديكارت  Emptyالخميس مارس 01, 2012 2:03 pm

أكيد أن مسألة المنهج ترتبط دائما باسم الفيلسوف الفرنسي رونيه ديكارت، فهو يعتبر برأي الفلاسفة والمفكرين فيلسوف المنهج، كيف لا وهو واضع أسس الفلسفة الحديثة.

لقد دشن ديكارت بدايته بعملية الشك،والشك عنده أساس منهجه، فهو يقول بأنه ينوي الشك في كل المعارف والحقائق والتصورات، غير ان هذا الشك ليس شكا من اجل الشك، وإنما من أجل البناء أي انه شك منهجي علمي رياضي .على هذا الأساس فإن هذا المنهج يجد أساسه في مجال الرياضيات ، غير أن ديكارت حاول تطبيقه على القضايا الفلسفية والميتافزيقية بغرض الوصول إلى حقائق يقينية كما هو الشأن بالنسبة للحقائق الرياضية " لقد كان منهج ديكارت هو في نهاية المطاف، حصيلة اهتمامه بالرياضيات، وكان ديكارت قد أثبت من قبل في ميدان الفلسفة مدى اتساع نطاق النتائج التي يمكن أن يوصل إليها هذا المنهج….وكان ديكارت يؤمن بأن المنهج،الذي احرز كل هذا النجاح في ميدان الرياضيات، يمكن أن يمتد إلى ميادين أخرى"

إذا فما هي قواعد هذا المنهج؟

لقد حدد ديكارت في كتابه "مقال عن المنهج" أربعة قواعد أساسية ينبغي على الإنسان إتباعها من أجل الوصول إلى المعرفة اليقينية حيث يرى ديكارت ضرورة إتباعه "يمكنني أن اكتفي بالقواعد الأربعة الآتية شريطة أن أعزم عزما صادقا وثابتا على أن لا أخل مرة واحدة بمراعاته"[1] وهذه القواعد كالأتي:

قاعدة البداهة: حيث يقول ديكارت في هذه القاعدة "أن لا أتلقى على الإطلاق شيئا على انه حق ما لم أتبين بالبداهة انه كذلك؛ أي أن أعنى بتجنب التعجل والتشبث بالأحكام السابقة، وأن لا أدخل في أحكامي إلا ما يتمثل لعقلي في ووضوح وتميز لا يكون لدي معهما أي مجال لوضعه موضع الشك"[2] من خلال هذه القاعدة يدعونا ديكارت إلى الاستقلال من جميع الآراء السابقة والاعتقادات التي توصلنا لها وعن غير طريق العقل، وعدم التعجل في الحكم والتشبث بالإحكام السابقة دون أن نخضعها إلى العقل؛ لأن هذا الأخير هو الذي يصل إلى المعرفة اليقينية وذلك عن طريق الحدس العقلي الذي يدرك به الأشياء مند الومضة الأولى في حقيقتها الكاملة.

ينتهي ديكارت من خلال هذه القاعدة إلى طلب البداهة واليقين اللذان يهدف لهما العقل، وأن تكون الفكرة واضحة ومتميزة ويجب ألا نتسرع في إعطاء الأحكام لأن التسرع يكون في أغلب الأحيان منبع الخطأ.

قاعدة التحليل: في هذه القاعدة نقوم بتحليل وتقسيم المشكلات بقدر المستطاع "أن اقسم كل واحدة من المعضلات التي أبحتها إلى عدد من الأجزاء الممكنة واللازمة لحلها على أحسن وجه"[3] وتفيد قاعدة التحليل محاولة تحليل الحقائق وذلك من خلال تقسيمها إلى أجزاء و إلى حد يسمح بدراستها وتحليلها.

قاعدة التركيب: يقول فيها ديكارت "أن أرتب أفكاري فأبدأ بأبسط الأمور وأيسرها معرفة فالفكرة تكون أيسر عندما تكون متقدمة على غيرها في سلسلة الاستدلالات وتكون أكثر بداهة "أن أتدرج في الصعود شيئا فشيئا حتى أصل إلى معرفة أكثر الأمور تركيبا"[4] حيث أن الفكر في سلاسل الإستنتاج له مراتب فالفكرة البسيطة تكون متقدمة على الصعبة والصعبة أكثر تركيبيا من البسيطة، "بل افرض ترتيبا بين الأمور التي يسبق بعضها بعضا بطبع"[5] تعد مرحلة التركيب المرحلة التالية بعد القيام بالتحليل حيث أنها مرحلة مهمة عند ديكارت لأنها تنبع من قاعدة التحليل وتنفتح على الرياضيات فهي تطبيق للمنهج الرياضي على الفكر الفلسفي لهذا يبدأ التفكير في الحقيقة البسيطة الأولى التي يبني على إثرها فيما بعد حقائق كبرى أي يتدرج منها إلى حقائق مركبة.

قاعدة الإحصاء: هي قاعدة تدعونا إلى أن نتأكد أننا لم نغفل أي جزء من أجزاء المشكلة التي قمنا بتحليلها، وأن نقوم باستعراض الاستدلالات بحركة متصلة "أن أقوم في جميع الأحوال بإحصاءات كاملة ومراجعات عامة تجعلني على ثقة من أنني لم أغفل شيئا"[6]، تعني وجوب عدم إغفال دراسة أي عنصر من عناصر المشكلة موضوع البحث.

لقد تساءل ديكارت أثناء وضع منهجه عن أهمية الدراسات التي لا يعرف منها الإنسان إلا أراء ظنية واحتمالية؛ حيث يقول ديكارت أن الجهل بها خير من معرفتها المزعزعة والناقصة وقال أنه لن يكون علم إن لم تكن هناك معرفة يقينية، ومن هنا اتجه إلى تأكيد اليقين الرياضي وأصبحت المعرفة الرياضية هي النموذج لكل المعارف اليقينية والواضحة والمتميزة في الذهن؛ حيث أن أي معرفة مهما كان نصيبها من الوضوح واليقين فهي لا تكتسبه إلا من الصدق الرياضي لأنه هو العلم الذي يحتوي على اليقين ولا يمكن لأي علم أخر أن يضاهيه في تلك اليقينية ذلك لما يتوفر عليه من شروط تتمثل فيما يلي:

_ وجود معاني واضحة بداهية ومطلقة.

_ عدم محاولة إلصاق البداهة بالأشياء التي لا تتصف بها ما لم تستطع إدراكها إدراكا بداهيا.

_ ترتيب الأفكار في نسق خاص.

من خلال النظر لهذه الشروط يتضح لنا أنها وضعت من أجل بلوغ معرفة يقينية تعادل في يقينها يقين الرياضيات وذلك من خلال البداية من البديهيات حيث يقوم الشرط الأول بتأكيده أي وضوح وتميز المعاني وهذا هو شرط البداهة وتبقى فاعلية هذا الشرط مستمرة في الشرط الثاني والثالث فالبداهة هي الأساس الأول للفكر لهذا يؤكد عليه ديكارت كأساس للبداية والابتداء من المعارف التي تتصف بالبداهة، من بعد أن ينبه ديكارت إلى البدء من المعاني التي تتسم بالبداهة وبواسطتها تدرك الأشياء فيما بعد، ثم يحاول بعدها في الشرط الأخير ترتيب فكره في نسق خاص يدل على الدقة.

ساهمت الرياضيات في تأسيس المنهج الديكارتي بنصيب وافر، حيث انه ليست هناك معرفة إلا من خلال التصورات الرياضية، فلقد بلغ إيمان ديكارت بالمنهج إلى حد أنه سلم بعجز العقول من الوصول إلى معرفة واضحة ومتميزة إلا من خلال أفكار رياضية واضحة واعتبر أن الرياضيات من الأمور المنزلة من عند الله لما فيه من صدق ويقين، لهذا أولاه عناية وبدأ يطبقه خاصة في مجال الهندسة وفي مجالات أخرى كثيرة، في لم يخصص للميتافيزيقا إلا القليل رغم انه اعتبرها هي الأساس الذي يمد علمه بالقواعد والأسس.

ليس غريبا عن ديكارت إن يستفيد من منهجه الذي ابتكره ووضعه في الهندسة التحليلية وان يستفيد منه في الفلسفة "أن اكبر ما حصلته من فوائد لما رأيته من أمور كثيرة تجمع الأمم العظيمة الأخرى على قبولها وتأييدها بالرغم من أنها تبدو لنا مخالفة للصواب، تعلمت من ذلك ألا أومن بصحة أمر إيمانا راسخا مادام هذا الأمر مبنيا على التقليد والعادة وهكذا خلصت مع نفسي شيئا فشيئا من كثير من الضلالات التي تستطيع أن تجمد عقلنا الفطري وتنقص من قدراتنا على الفهم"[7]. من خلال هذا فالوضوح والتميز أبسط قضايا الرياضيات والمنطق التي يمكن بها معرفة النور الفطري أي الحدس وما الاستنباط إلا مجموعة من الحدوس نصل بها إلى المعرفة اليقينية وهي غاية المنهج الديكارتي.

إن المنهج باختصار هو مجموعة من القواعد التي إذا رعاها من يستعملها وصل إلى الحقيقة وهو اجتهاد شخصي لمن يعتمد على النور الفطري وليس بحاجة إلى تعلم أو تلقين لأنه يصل إلينا من قبل الله فيصل الإنسان إلى الحقيقة بوسيلتين هما الحدس والاستنباط. حيث أن الحدس عند ديكارت هو إدراك الشيء في لمحة، إنه نور فطري يجعل من الإنسان يدرك الفكرة في لحظة وهو يتناول حقائق بسيطة تدرك من الوهلة الأولى وبطريقة مباشرة وتبلغ من الوضوح والتميز درجة لا يستطيع الدهن تقسيمها "فيما يتعلق بجميع الآراء التي أخذت بها…لم أجد بدا من محاولة انتزاعها من ذهني دفعة واحدة ،وذلك لاستبدل بها غيرها مما هو خير منها، أو لأعيدها هي نفسها إليه بعد ذلك، بعد أن أكون قد سويتها بميزان العقل"[8] في حين أن الوسيلة الثانية لبلوغ اليقين الرياضي هي الاستنباط؛ هو فعل عقلي نستخلص به من شيء معروف بديهيا ويقينيا نتائج تنتج عنه وتلزم منه، فهو حركة فكرية موصلة هو قوة نفهم بها حقيقة من الحقائق نتيجة لحقائق أخرى ابسط منها فهو مجموعة من الحدوس فالاستنباط لا يستغرق فترة من الزمان في حين إن الحدس يأتي في لحظة خاطفة. إن الحدس والاستنباط هما أساس اليقين في المعرفة الرياضية المتعلقة بالمنهج لأنهما يؤديان إلى حقائق صادقة وواضحة وهذه الحقائق تكون فطرية لدينا. بعد أن توصل ديكارت إلى ضرورة تطبيق المنهج الرياضي على الميتافيزيقا حيث أن هناك عامل أخر إلى جانب عوامل أخرى في نشأة المنهج لديه ومنها العامل الديني "لكني لا أخشى أن أقول أني اعتقد أني كنت جد سعيد لوجدان نفسي مند سني الحداثة في طرق قادتني إلى مطالعات وكم الفت منها طريقة يبدو لي أنني استطيع أن اتخذها وسيلة لزيادة معرفة بالتدريج وللارتقاء بها شيئا فشيئا إلى أعلى درجة"[9] لقد أثرت الرياضيات في تأسيس ديكارت لمنهجه الجديد ولكن إلى جانبها كان اثر تربيته الدينية الأولى التي لعبت دور في استنباط قواعد المنهج جليا في كتابه "مقال عن المنهج" حيث تأثر بتربيته الروحية مند الصغر فقد فسر بعض مؤرخي حياته أن اكتشافه للمنهج جاء نتيجة شعور حدث له بعد ليلة المدفأة, إلا أن ديكارت لم يشر له بصفة نهائية على انه عطاء الهي إنما على سبيل التأويل.

من خلال ما سبق يظهر لنا مدى ارتباط المنهج عند ديكارت بالحدس، كما أن التأويل الذي قام به لأحلامه يفيد ثقته بالعقل والحقيقة التي هي من طرف الله. ولما كانت الفلسفة الديكارتية تبحث عن اليقين وتسعى جاهدة لبلوغ ذلك اليقين فهي بذلك ليست مجرد فكرة نظرية تبحث في مساءل وجود النفس والله والعالم بل هي منهج من اجل الوصول إلى اليقين والحقيقة. إضافة إلى مساهمتها في تأسيس المنهج الديكارتي وكيف جعل منها ديكارت منهجا يقوم على أساس الوضوح والتميز في التفكير وذلك عن طريق بداهة العقل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://psychos.net
 
قواعد المنهج عند ديكارت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المحور الأول: وجود الغير
» ديكارت والجوهر المفكر
» المفهوم الأول: الشخص
» العلم في مواجهة الفلسفة التقليدية (ادغار موران ضد ديكارت)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المعرفة للجميع :: الفلسفة والإنسانيات :: فضاء الفلسفة بالثانوي :: مقالات فكرية-
انتقل الى: