المعرفة للجميع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المعرفة للجميع

زاد المعرفة ونبراس يضيء كل الدروب المظلمة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المفهوم الثاني: الغير

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
واحد من الناس
Admin
واحد من الناس


المساهمات : 494
تاريخ التسجيل : 28/10/2011
العمر : 42

المفهوم الثاني: الغير Empty
مُساهمةموضوع: المفهوم الثاني: الغير   المفهوم الثاني: الغير Emptyالسبت نوفمبر 05, 2011 5:50 pm

1- دلالة مفهوم الغير:
1-1- الدلالة اللغوية:
يأخذ الغير في اللغة العربية معان تتضمن الغيرة والمبادلة والتغير، وتفيد هذه المعاني تصورا مشتركا هو الاختلاف والتعدد. أما في اللغة الفرنسية فيمكن التمييز بين الآخر"autre" التي تعني كل ما يخالف الأنا ويتميز عنها سواء أكان شيئا أو إنسانا آخر. وبين الغير "autrui" الذي يرتبط بالآخرين، بالناس الأغيار، فهو أنا ليس أنا، إنه أنا آخر، إنه الشبيه والمختلف في آن واحد.
1-2- الدلالة الفلسفية:
يدل مفهوم الغير في الخطاب الفلسفي الحديث على الآخر الإنساني فردا أو جماعة في تقابله مع الأنا. يقول سارتر:" الغير هو آخر الأنا منظورا إليه ليس بوصفه موضوعا، بل بوصفه أنا آخر". وتحدده المعاجم الفلسفية لفولكيه ولالاند بالأنا الذي ليس أنا، المخالف والمطابق. إنه بعبارة أخرى أنا آخر مثلي.
2- الغير إشكال فلسفي حديث:
يعتبر مفهوم الغير مفهوما إشكاليا سواء في بعده الأنطلوجي أو المعرفي أو الأخلاقي، فهو لم يتبلور كأنا آخر أو ذات أخرى، وبوصفه إشكالية فلسفية إلا في زمن متأخر نسبيا، وبصفة خاصة مع ظهور الفلسفة الحديثة، ولا سيما منها فلسفة هيغل التي تجعل الغير يحتل موقعا مركزيا في مسألة الوعي بالذات التي تعرف صيرورة تبدأ أولا من الاتصال المباشر بموضوعات العالم الخارجي إلى مستوى الاعتراف به من قبل ذوات أخرى، وإن كان هذا الاعتراف يتم عبر صراع يخاطر فيه الطرفان أي الأنا والغير (السيد والعبد) بحياتهما حتى الموت. لكن هذا الصراع سوف لن يستمر إلى ما لا نهاية، بل سيتوقف باستسلام أحد الطرفين للآخر تفضيلا للحياة بدل الموت، والذي يستسلم هو العبد لصالح السيد، إذاك تنشأ العلاقة الإنسانية الأولى بين الأنا والغير. ولذلك، يمكن القول إن وجود الغير ضرورة لوجود الأنا ووعيه بذاته. وعليه، يمكن أن نعتبر هيغل أول فيلسوف يؤسس لإشكالية الغير ضمن تصور فلسفي يبرز من خلاله ضرورة وجود الغير لوعي الذات بنفسها. فليس الوعي بالذات عند هيغل يقتصر على معرفة الأنا لذاته، بل هو التعرف على ذاته في موضوع غريب عنها. فكل ذات ترغب في أن يعترف بوجودها من طرف ذات أخرى أو أنا آخر يواجهها، ما دامت الذات لا يتم الاعتراف بها إلا من خلال فكرة الصراع، وهذا ما تعكسه علاقة السيد بالعبد، كما أشرنا إلى ذلك أعلاه.
وعلى خلاف ذلك، يرى ديكارت أن الذات قادرة على الوعي بذاتها وتحقيق وجودها بمعزل عن الغير والعالم الخارجي، وهذا ما يعكسه الكوجيطو الديكارتي الذي يعترف بالذات وحدها، ويقصي وجود الغير، ما دام الوجود الحقيقي في نظر ديكارت هو وجود الأنا الذاتي المطلق الذي يمارس فعل التفكير في الذات نفسها ويعي ذاته ووجوده بكل وضوح وتميز، بل أكثر من ذلك، فوجود الغير متوقف على حكم العقل واستدلاله وليس له وجود مستقل عن الذات المفكرة. الأمر الذي حدا ببعض الفلاسفة المعاصرين مثل هوسرل بنعت الكوجيطو الديكارتي بالعقم ما دام يعترف بالذات وحدها ويثبت إنيتها في انغلاقها على ذاتها دون علاقتها بالغير وبموضوعات العالم الخارجي. لذلك يرى فوكو أن المواجهة بين "الأنا المفكر" و"الواقع الطبيعي الموضوعي" أقصى عنصرا ثالثا، غابت معه مفاهيم وقضايا المجتمع والتاريخ والغير. ومن جهته، يعتبر ميرلوبونتي أن وجود الغير هو وجود مستقل ووعي لذاته، وليس عبارة عن موضوع أو شيء من أشياء العالم الخارجي. لأن تجربة الذات عبارة عن مواجهة مع وعي خالص. فالغير إذن شبيه ومماثل للأنا باعتباره كائنا امبريقيا مثل الذات. ومن ثم فميرلوبونتي يميز بين نوعين من الوجود:
- الوجود في ذاته l’être en soi الذي يخص الأشياء.
- الوجود لذاته l’être pour soi الذي يخص الوعي.
وبالتالي، فإن وجود الغير هو في نفس الوقت "وجود في ذاته" و"وجود من أجل ذاته". فمن جهة ينتمي إلى عالم الأشياء، باعتباره وجودا في ذاته، أي مجرد موضوع. ومن جهة أخرى، فهو وعي باعتباره وعيا وذاتا، أي وجودا من أجل ذاته.
3- الإطار الإشكالي:
رغم ما يملك الشخص من مقومات إنسانية تساهم في تحديد هويته وإبراز قيمته، فإنه يحتاج إلى الغير ليحقق ذاته ووجوده. هذه الحاجة تفسر بكونه يعيش في وسط اجتماعي قبلي يفرض عليه أن ينسج علاقات مع ذوات أخرى ليتعايش ويتواصل معها. إن حاجة الشخص إلى الغير من الضرورات التي تفرض نفسها على الفرد باعتبار هذا الغير مرآة الأنا الذي تتقاسم معه بعض المقومات الإنسانية (العقل، التفكير، الوعي، الإرادة، الحرية، المسؤولية...) وتختلف عنه من حيث الخصوصيات السوسيوثقافية (اللغة، الدين،العرق، العادات والتقاليد...)
يظهر إذن أن الغير يتواجد إلى جانب الذات كأنا عاقلة مفكرة، لا بد من توسطه لأجل معرفة حقيقة الذات (إنه مرآة للأنا) لكنه قد يتحول إلى عنصر يعيق تحقيق هذا الطموح. لهذا السبب على الذات أن تخوض معركة تحقيق نفسها بنفسها بغض النظر عن الآخرين. وإلى جانب ذلك يمكن القول إن تواجد الذات والآخر جنبا إلى جنب يطرح مسألة العلاقة والتواصل بينهما. فبحكم طبيعتهما يمكن أن نقول بأن لا أحد منهما يكفي ذاته بذاته، لذا لا بد من ضرورة الانفتاح على بعضهما البعض لتبديد كل الخلافات أو تقليصها من أجل تحقيق مجتمع مبني على التسامح والحوار واللاعنف.
من خلال هذه المفارقات، تتحدد الإشكاليات الفلسفية لمفهوم الغير، والتي يمكن صياغتها في التساؤلات التالية:
يعتبر مفهوم الغير مفهوما إشكاليا سواء في بعده الأنطلوجي أو المعرفي أو الأخلاقي، فهو يثير إشكالية فلسفية يمكن إبرازها في ثنايا التساؤلات التالية:
هل الغير موجود؟ وكيف يتحدد وجوده؟ هل وجوده شرط وجود الأنا أم أنه تهديد لها؟
هل الغير قابل للمعرفة؟ كيف تتم معرفته: هل كموضوع أو كذات أو كبنية؟
ما طبيعة العلاقة القائمة بين الأنا والغير؟ هل هي علاقة محبة ووئام أم علاقة كراهية وصدام؟

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://psychos.net
 
المفهوم الثاني: الغير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المحور الثاني: معرفة الغير
» المفهوم الأول: الشخص
» الغير عند سارتر
» المحور الأول: وجود الغير
» هل معرفة الغير ممكنة؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المعرفة للجميع :: الفلسفة والإنسانيات :: فضاء الفلسفة بالثانوي :: ملخصات الدروس-
انتقل الى: