خلاصة المحور الثاني: الوعي واللاوعي

نستنتج من تحليل ومناقشة موقف فرويد أن لمفهوم اللاشعور أهميته بالنسبة للإنسان، فقد استطاع فرويد بنظريته حول اللاشعور أن يضيء جوانب هامة من حياة الإنسان الغامضة، وقدم بأسلوبه في التحليل النفسي علاجا لأعقد الأمراض النفسية التي لم يستطع الإنسان أن يجد لها حلا ناجعا من قبل. وهذا أمر لا يمكن إنكار قيمته. لكن ما يؤخذ على فرويد هو جعل دوافع اللاشعور ذات الطبيعة الغريزية الموجه الأول والأخير لحياتنا ولسلوكاتنا، وهو ما يدفع إلى التسليم بحتمية ميكانيكية يخضع لها الإنسان، وفي ذلك سلب لحريته وللوعي الذي يتميز به عن باقي الكائنات.
رغم تأثيرات اللاشعور ورغم ما ينتاب بعض الأشخاص من اضطرابات قد تفضي إلى عقد نفسية فإن الإنسان قادر على معالجتها من خلال الوعي بالأسباب الحقيقية لتلك الاضطرابات النفسية وبالتالي تجاوزها. فالسلوك الغامض والخفي عن إدراكاتنا ليس دليلا على هزيمة الوعي وعجزه وهيمنة اللاوعي وتحكمه في هذا السلوك أو ذاك وإنما هي فترة فتور لا تلبث أن تزول حين يسترجع الإنسان قواه الواعية.
ويمكن التأكيد مع الفيلسوف الفرنسي إريك فايل (1904-1972) على الدور الذي يلعبه الوعي في إعطاء معنى لوجود الإنسان في هذا العالم؛ حيث أكد فايل على أن الوعي هو أساس وجود الإنسان، وبدون هذا الوعي المؤسس لا يوجد معنى بالكل. كما أن التفكير في المعنى هو من اختصاص الفلسفة وليس من اختصاص العلم.

يتبين لنا من خلال دراسة المحور الثاني أن هناك موقفين متباينين:
- الأول يقر بأن اللاشعور ييتبوأ المكانة الشاسعة والعميقة داخل الجهاز النفسي، ويتبنى هذا الموقف المحلل النفسي فرويد الذي يؤكد أن اللاشعور يتشكل أساسا من دوافع غريزية لا واعية مكبوتة بفعل اشتداد الرقابة الشعورية أو ما يعرف بالعالم الخارجي أو الواقع، وتتمظهر هذه الدوافع والمكبوتات بشكل جلي في الأحلام وغيرها.
- الثاني الذي يمثله ألان الذي حاول تفنيذ نظرية اللاشعور الفرويدية، يرى أن أفكار الإنسان وسلوكاته ما هي إلا نتاج الوعي الذي يعد في نظره الأساس الذي تنبني عليه كل الحقائق، ويعتبر أيضا أن كل ما يختلج في ذواتنا من أفكار ومشاعر راجع بالضرورة إلى الذات الفاعلة والواعية وليس إلى ذلك الكيان الغريب ( اللاشعور).

محاولة صياغة الخلاصة التركيبية للمحور الثاني من قبل التلميذة المثابرة: وفاء صادق